responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 487
و «مَا» مُبْتَدَأٌ وَ «لَنَا» خَبَرُهُ، وَالْمَعْنَى: أَيُّ شَيْءٍ كَانَ لَنَا. وَجُمْلَةُ «أَلَّا نُقَاتِلَ» حَالٌ وَهِيَ قَيْدٌ لِلِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ، أَيْ لَا يَثْبُتُ لَنَا شَيْءٌ فِي حَالَةِ تَرْكِنَا الْقِتَالَ. وَهَذَا كَنَظَائِرِهِ فِي قَوْلك: مَالِي لَا أفعل أَو مَالِي أَفْعَلُ، فَأَنْ مَصْدَرِيَّةٌ مَجْرُورَةٌ بِحَرْفِ جَرٍّ مَحْذُوفٍ يُقَدَّرُ بِفِي أَوْ لَامِ الْجَرِّ، مُتَعَلِّقٍ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ لَنا.
وَجُمْلَةُ وَقَدْ أُخْرِجْنا حَالٌ مُعَلِّلَةٌ لِوَجْهِ الْإِنْكَارِ، أَيْ إِنَّهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنْ تَرْكِ الْقِتَالِ لِأَنَّ أَسْبَابَ حُبِّ الْحَيَاةِ تَضْعُفُ فِي حَالَةِ الضُّرِّ وَالْكَدَرِ بِالْإِخْرَاجِ مِنَ الدِّيَارِ وَالْأَبْنَاءِ.
وَعَطْفُ الْأَبْنَاءِ عَلَى الدِّيَارِ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ يُطْلَقُ عَلَى إِبْعَادِ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِهِ، وَعَلَى إِبْعَادِهِ مِنْ بَيْنِ مَا يُصَاحِبُهُ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى دَعْوَى جَعْلِ الْوَاوِ عَاطِفَةً عَامِلًا مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ وَأَبْعَدَنَا عَنْ أَبْنَائِنَا.
وَقَوْلُهُ: فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَخْ. جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ، وَهِيَ مَحَلُّ الْعِبْرَةِ وَالْمَوْعِظَةِ لِتَحْذِيرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ حَالِ هَؤُلَاءِ أَنْ يَتَوَلَّوْا عَنِ الْقِتَالِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُمُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ، وَبَعْدَ أَنْ تَمَنَّوْا قِتَالَ أَعْدَائِهِمْ وَفَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَا حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ [الْبَقَرَة: 249] إِلَخْ.
وَقَوْلُهُ: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ تَذْيِيلٌ، لِأَنَّ فِعْلَهُمْ هَذَا مِنَ الظُّلْمِ لِأَنَّهُمْ لَمَّا طَلَبُوا
الْقِتَالَ خُيِّلُوا أَنَّهُمْ مُحِبُّونَ لَهُ ثُمَّ نَكَصُوا عَنْهُ. وَمِنْ أَحْسَنِ التَّأْدِيب قَوْلُ الرَّاجِزِ:
مَنْ قَالَ لَا فِي حَاجَة ... مسؤولة فَمَا ظَلَمْ

وَإِنَّمَا الظَّالِمُ من ... يَقُولُ لَا بَعْدَ نَعَمْ
وَهَذِهِ الْآيَةُ أَشَارَتْ إِلَى قِصَّةٍ عَظِيمَةٍ مِنْ تَارِيخِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لِمَا فِيهَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْعِبْرَةِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ يَأْتِي بِذِكْرِ الْحَوَادِثِ التَّارِيخِيَّةِ تَعْلِيمًا لِلْأُمَّةِ بِفَوَائِدِ مَا فِي التَّارِيخِ، وَيَخْتَارُ لِذَلِكَ مَا هُوَ مِنْ تَارِيخِ أَهْلِ الشَّرَائِعِ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْغَرَضِ الَّذِي جَاءَ لِأَجْلِهِ الْقُرْآنُ.
هَذِهِ الْقِصَّةُ هِيَ حَادِثُ انْتِقَالِ نِظَامِ حُكُومَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الصِّبْغَةِ الشُّورِيَّةِ، الْمُعَبَّرِ عَنْهَا عِنْدَهُمْ بِعَصْرِ الْقُضَاةِ إِلَى الصِّبْغَةِ الْمَلَكِيَّةِ، الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِعَصْرِ الْمُلُوكِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حُدُودِ سَنَةِ 1380 قَبْلَ الْمِيلَادِ الْمَسِيحِيِّ، خَلَفَهُ فِي الْأُمَّةِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، الَّذِي عَهِدَ لَهُ مُوسَى فِي آخِرِ حَيَاتِهِ بِأَنْ يَخْلُفَهُ فَلَمَّا صَارَ أَمْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى يُوشَعَ جَعَلَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 487
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست