responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 488
لِأَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ حُكَّامًا يَسُوسُونَهُمْ وَيَقْضُونَ بَيْنَهُمْ، وَسَمَّاهُمُ الْقُضَاةَ فَكَانُوا فِي مُدُنٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَكَانَ مِنْ أُولَئِكَ الْحُكَّامِ أَنْبِيَاءُ، وَكَانَ هُنَالِكَ أَنْبِيَاءُ غَيْرُ حُكَّامٍ، وَكَانَ كُلُّ سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَسِيرُونَ عَلَى مَا يَظْهَرُ لَهُمْ، وَكَانَ من قضاتهم وَأَنْبِيَائِهِمْ صَمْوِيلُ بْنُ الْقَانَةِ، مِنْ سِبْطِ أَفْرَايِمْ، قَاضِيًا لِجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ مَحْبُوبًا عِنْدَهُمْ، فَلَمَّا شَاخَ وَكَبُرَ وَقَعَتْ حُرُوبٌ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْفِلَسْطِينِيِّينَ وَكَانَتْ سِجَالًا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ كَانَ الِانْتِصَارُ لِلْفِلَسْطِينِيِّينَ، فَأَخَذُوا بَعْضَ قُرَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى إِنَّ تَابُوتَ الْعَهْدِ، الَّذِي سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ، أَسَرَهُ الْفِلَسْطِينِيُّونَ، وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى (أُشْدُودِ) بِلَادِهِمْ وَبَقِيَ بِأَيْدِيهِمْ عِدَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا رَأَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْهَزِيمَةِ، ظَنُّوا أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ هُوَ ضَعْفُ صَمْوِيلَ عَنْ تَدْبِيرِ أُمُورِهِمْ، وَظَنُّوا أَنَّ انْتِظَامَ أَمْرِ الْفِلَسْطِينِيِّينَ، لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِسَبَبِ النِّظَامِ الْمَلَكِيِّ، وَكَانُوا يَوْمَئِذٍ يَتَوَقَّعُونَ هُجُومَ نَاحَاشَ: مَلِكِ الْعُمُونِيِّينَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا، فَاجْتَمَعَتْ إِسْرَائِيلُ وَأَرْسَلُوا عُرَفَاءَهُمْ مِنْ كُلِّ مَدِينَةٍ، وَطَلَبُوا مِنْ صَمْوِيلَ أَنْ يُقِيمَ لَهُمْ مَلِكًا يُقَاتِلُ بِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَاسْتَاءَ صَمْوِيلُ مِنْ ذَلِكَ، وَحَذَّرَهُمْ عَوَاقِبَ حُكْمِ الْمُلُوكِ «إِنَّ الْملك يَأْخُذ بَيْنكُم لِخِدْمَتِهِ وَخِدْمَةِ خَيْلِهِ وَيَتَّخِذُ مِنْكُمْ مَنْ يَرْكُضُ أَمَامَ مَرَاكِبِهِ، وَيَسْخَرُ مِنْكُمْ حِرَاثَيْنِ لِحَرْثِهِ، وَعَمَلَةً لِعُدَدِ حَرْبِهِ، وَأَدَوَاتِ مَرَاكِبِهِ، وَيَجْعَلُ بَنَاتِكُمْ عَطَّارَاتٍ وَطَبَّاخَاتٍ وَخَبَّازَاتٍ، وَيَصْطَفِي مِنْ حُقُولِكُمْ، وَكُرُومِكُمْ، وَزِيَاتِينِكُمْ، أَجْوَدَهَا فَيُعْطِيهَا لِعَبِيدِهِ، وَيَتَّخِذُكُمْ عَبِيدًا، فَإِذَا صَرَخْتُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ مَلِكِكُمْ لَا يَسْتَجِيبُ اللَّهُ لَكُمْ، فَقَالُوا: لَا بُدَّ لَنَا مِنْ مَلِكٍ لِنَكُونَ مِثْلَ سَائِرِ الْأُمَمِ، وَقَالَ لَهُمْ: هَلْ عَسِيتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ
إِلَخْ. وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْقَرْنِ الْحَادِيَ عَشَرَ قَبْلَ الْمَسِيحِ.
وَقَوْلُهُ: وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا يَقْتَضِي أَنَّ الْفِلَسْطِينِيِّينَ أَخَذُوا بَعْضَ مُدُنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ إِجْمَالًا فِي الْإِصْحَاحِ السَّابِعِ مِنْ سِفْرِ صَمْوِيلَ الْأَوَّلِ، وَأَنَّهُمْ أَسَرُوا أَبْنَاءَهُمْ، وَأَطْلَقُوا كُهُولَهُمْ وَشُيُوخَهُمْ، وَفِي ذِكْرِ الْإِخْرَاجِ مِنَ الدِّيَارِ وَالْأَبْنَاءِ تَلْهِيبٌ لِلْمُهَاجِرِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مُقَاتَلَةِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَخْرَجُوهُمْ مِنْ مَكَّةَ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نِسَائِهِمْ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَبْنَائِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَما لَكُمْ لَا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ [النِّسَاء: 75] .

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 488
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست