responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 467
وَالْمُرَادُ: الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَةُ. «وأل» فِي الصَّلَوَاتِ لِلْعَهْدِ، وَهِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ الْمُتَكَرِّرَةُ لِأَنَّهَا الَّتِي تُطْلَبُ الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا.
وَالصَّلاةِ الْوُسْطى لَا شَكَّ أَنَّهَا صَلَاةٌ مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الْفَرَائِضِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُعَرَّفَةً بِلَامِ التَّعْرِيفِ وَمَوْصُوفَةً بِأَنَّهَا وُسْطَى، فَسَمعَهَا الْمُسلمُونَ وقرأوها، فَإِمَّا عَرَفُوا الْمَقْصُودَ مِنْهَا فِي حَيَاةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمُ الِاحْتِمَالُ بَعْدَهُ فَاخْتَلَفُوا، وَإِمَّا شَغَلَتْهُمُ الْعِنَايَةُ بِالسُّؤَالِ عَنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ فِي حَيَاةِ الرَّسُولِ عَنِ السُّؤَالِ عَنْ تَعْيِينِهَا لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَازِمِينَ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْجَمِيعِ، فَلَمَّا تَذَاكَرُوهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَنَبَعَ مِنْ ذَلِكَ خِلَافٌ شَدِيدٌ أَنْهَيْتُ الْأَقْوَالَ فِيهِ إِلَى نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ قَوْلًا، بِالتَّفْرِيقِ وَالْجَمْعِ، وَقَدْ سَلَكُوا لِلْكَشْفِ عَنْهَا مَسَالِكَ مَرْجِعُهَا إِلَى أَخْذِ ذَلِكَ مِنَ الْوَصْفِ بِالْوُسْطَى، أَوْ مِنِ الْوِصَايَةِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا.
فَأَمَّا الَّذِينَ تَعَلَّقُوا بِالِاسْتِدْلَالِ بِوَصْفِ الْوُسْطَى: فَمِنْهُمْ مَنْ حَاوَلَ جَعْلَ الْوَصْفِ مِنَ الْوَسَطِ بِمَعْنَى الْخِيَارِ وَالْفَضْلِ، فَرَجَعَ إِلَى تَتَبُّعِ مَا وَرَدَ فِي تَفْضِيلِ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ عَلَى بَعْضٍ، مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً [الْإِسْرَاء: 78] وَحَدِيثِ عَائِشَةَ:
«أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ اللَّهِ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ» .
وَمِنْهُمْ مَنْ حَاوَلَ جَعْلَ الْوَصْفِ مِنَ الْوَسَطِ: وَهُوَ الْوَاقِعُ بَيْنَ جَانِبَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ مِنَ الْعَدَدِ فَذَهَبَ يَتَطَلَّبُ الصَّلَاةَ الَّتِي هِيَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَلَمَّا كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ صَالِحَةً لِأَنْ تُعْتَبَرَ وَاقِعَةً بَيْنَ صَلَاتَيْنِ، لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَوْقَاتِ اعْتِبَارِيٌّ، ذَهَبُوا يُعَيِّنُونَ الْمَبْدَأَ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الْمَبْدَأَ ابْتِدَاءَ النَّهَارِ، فَجَعَلَ مَبْدَأَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ صَلَاةَ الصُّبْحِ فَقُضِيَ بِأَنَّ الْوُسْطَى الْعَصْرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الْمَبْدَأَ الظَّهْرَ، لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ
فُرِضَتْ كَمَا فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ فِي «الْمُوَطَّأِ» ، فَجَعَلَ الْوُسْطَى: الْمَغْرِبَ.
وَأما الَّذين تعلقوا بِدَلِيلِ الْوِصَايَةِ عَلَى الْمُحَافَظَةِ، فَذَهَبُوا يَتَطَلَّبُونَ أَشَقَّ صَلَاةٍ عَلَى النَّاس تكْثر المثبطات عَنْهَا، فَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ الظُّهْرُ لِأَنَّهَا أَشَقُّ صَلَاةٍ عَلَيْهِمْ بِالْمَدِينَةِ، كَانُوا أَهْلَ شُغْلٍ، وَكَانَتْ تَأْتِيهِمُ الظُّهْرُ وَهُمْ قَدْ أَتْعَبَتْهُمْ أَعْمَالُهُمْ، وَرُبَّمَا كَانُوا فِي إِكْمَالِ أَعْمَالِهِمْ، وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ الْعِشَاءُ لِمَا وَرَدَ أَنَّهَا أَثْقَلُ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
هِيَ الْعَصْرُ لِأَنَّهَا وَقْتُ شُغْلٍ وَعَمَلٍ وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ الصُّبْحُ لِأَنَّهَا وَقْتُ نَوْمٍ فِي الصَّيْفِ، وَوَقْتُ تَطَلُّبِ الدِّفْءِ فِي الشِّتَاءِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 467
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست