responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 432
وَلِلْأَمْزِجَةِ فِي ذَلِكَ تَأْثِيرٌ أَيْضًا.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْحَوْلَيْنِ لِلْوَلَدِ الَّذِي يَمْكُثُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ مَكَثَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، فَرَضَاعُهُ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا، وَهَكَذَا بِزِيَادَةِ كُلِّ شَهْرٍ فِي الْبَطْنِ يَنْقُصُ شَهْرٌ مِنْ مُدَّةِ الرَّضَاعَةِ حَتَّى يَكُونَ لِمُدَّةِ الْحَمْلِ وَالرَّضَاعِ ثَلَاثُونَ شَهْرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً [الْأَحْقَاف: 15] ، وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مَنْزَعٌ إِلَى تَحْكِيمِ أَحْوَالِ الْأَمْزِجَةِ لِأَنَّهُ بِمِقْدَارِ مَا تَنْقُصُ مُدَّةُ مُكْثِهِ فِي الْبَطْنِ، تَنْقُصُ مُدَّةُ نُضْجِ مِزَاجِهِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِ هَذَا وَأَنَّ الْحَوْلَيْنِ غَايَةٌ لِإِرْضَاعِ كُلِّ مَوْلُودٍ. وَأَخَذُوا مِنَ الْآيَةِ أَنَّ الرَّضَاعَ الْمُعْتَبَرَ هُوَ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَأَنَّ مَا بَعْدَهُمَا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، فَلِذَلِكَ لَا يُجَابُ إِلَيْهِ طَالِبُهُ.
وَعَبَّرَ عَنِ الْوَالِدِ بِالْمَوْلُودِ لَهُ، إِيمَاءً إِلَى أَنَّهُ الْحَقِيقُ بِهَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّ مَنَافِع الْوَلَد منجرة إِلَيْهِ، وَهُوَ لَا حق بِهِ وَمُعْتَزٌّ بِهِ فِي الْقَبِيلَةِ حَسَبَ مُصْطَلَحِ الْأُمَمِ، فَهُوَ الْأَجْدَرُ بِإِعَاشَتِهِ، وَتَقْوِيمِ وَسَائِلِهَا.
وَالرِّزْقُ: النَّفَقَةُ، وَالْكِسْوَةُ: اللِّبَاسُ، وَالْمَعْرُوفُ: مَا تَعَارَفَهُ أَمْثَالُهُمْ وَمَا لَا يُجْحِفُ بِالْأَبِ. وَالْمُرَادُ بِالرِّزْقِ وَالْكِسْوَةِ هُنَا مَا تَأْخُذُهُ الْمُرْضِعُ أجرا عَن إرضاعها، مِنْ طَعَامٍ وَلِبَاسٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ لِلْمَرَاضِعِ كِسْوَةً وَنَفَقَةً، وَكَذَلِكَ غَالِبُ إِجَارَاتِهِمْ إِذْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرُ قَبَائِلِ الْعَرَبِ أَهْلَ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، بَلْ كَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِالْأَشْيَاءِ، وَكَانَ الْأُجَرَاءُ لَا يَرْغَبُونَ فِي الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ، وَإِنَّمَا يَطْلُبُونَ كِفَايَةَ ضَرُورَاتِهِمْ، وَهِيَ الطَّعَامُ وَالْكِسْوَةُ، وَلِذَلِكَ أَحَالَ
اللَّهُ تَقْدِيرَهُمَا عَلَى الْمَعْرُوفِ عِنْدَهُمْ مِنْ مَرَاتِبِ النَّاسِ وَسَعَتِهِمْ، وَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها.
وَجُمَلُ: لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها إِلَى قَول: وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ مُعْتَرَضَاتٌ بَيْنَ جُمْلَةِ وَعَلَى الْمَوْلُودِ وَجُمْلَةِ وَعَلَى الْوارِثِ فَمَوْقِعُ جُمْلَةِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَمَوْقِعُ جُمْلَةِ لَا تُضَارَّ والِدَةٌ إِلَى آخِرِهَا مَوْقِعُ التَّعْلِيلِ أَيْضًا، وَهُوَ اعْتِرَاضٌ يُفِيدُ أُصُولًا عَظِيمَةً لِلتَّشْرِيعِ وَنِظَامِ الِاجْتِمَاعِ.
وَالتَّكْلِيفُ تَفْعِيلٌ بِمَعْنَى جَعَلَهُ ذَا كُلْفَةٍ، وَالْكُلْفَةُ: الْمَشَقَّةُ، وَالتَّكَلُّفُ: التَّعَرُّضُ لِمَا فِيهِ مَشَقَّةٌ، وَيُطْلَقُ التَّكْلِيفُ عَلَى الْأَمْرِ بِفِعْلٍ فِيهِ كُلْفَةٌ، وَهُوَ اصْطِلَاحٌ شَرْعِيٌّ جَدِيدٌ.
وَالْوُسْعُ، بِتَثْلِيثِ الْوَاوِ: الطَّاقَةُ، وَأَصْلُهُ مِنْ وَسِعَ الْإِنَاءُ الشَّيْءَ إِذَا حَوَاهُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ ضِدُّ ضَاقَ عَنْهُ، وَالْوُسْعُ هُوَ مَا يَسَعُهُ الشَّيْءُ فَهُوَ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، وَأَصْلُهُ اسْتِعَارَةٌ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 432
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست