responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 412
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ أَخْذِ الزَّائِدِ عَلَى مَا أَصْدَقَهَا المفارق، فَقَالَ طَاوُوس وَعَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ: لَا يَجُوزُ أَخْذُ الزَّائِدِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّهُ هُنَا بِقَوْلِهِ: مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ وَاحْتَجُّوا
بِأَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجَمِيلَةَ لَمَّا قَالَتْ لَهُ: أَرُدُّ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ وَأَزِيدُهُ «أَمَّا الزَّائِدُ فَلَا» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: يَجُوزُ أَخْذُ الزَّائِدِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ وَاحْتَجُّوا بِمَا
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ أُخْتَهُ كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ تَزَوَّجَهَا عَلَى حَدِيقَةٍ، فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ فَتَرَافَعَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ وَيُطَلِّقُكِ» قَالَتْ: نَعَمْ وَأَزِيدُهُ، فَقَالَ لَهَا «رُدِّي عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ وَزِيدِيهِ»
وَبِأَنَّ جَمِيلَةَ لَمَّا قَالَتْ لَهُ: وَأَزِيدُهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ ذَلِكَ أَيْ يُحَرِّمُهُ، وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ مَا
رُوِيَ «أَمَّا الزَّائِدُ فَلَا»
وَالْحَقُّ أَنَّ الْآيَةَ ظَاهِرَةٌ فِي تَعْظِيمِ أَمْرِ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى الطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا رَخَّصَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِذَا كَانَتِ الْكَرَاهِيَةُ وَالنَّفْرَةُ مِنَ الْمَرْأَةِ مِنَ مبدأ المعاشرة، دفعا للأضرار عَن الزَّوْج فِي خسارة مَا دَفعه من الصَّدَاقِ الَّذِي لَمْ يَنْتَفِعُ مِنْهُ بِمَنْفَعَةٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْكَرَاهِيَةَ تَقَعُ فِي مَبْدَأِ الْمُعَاشَرَةِ لَا بَعْدَ التَّعَاشُرِ.
فَقَوْلُهُ: مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَحَلُّ الرُّخْصَةِ، لَكِنَّ الْجُمْهُورَ تَأَوَّلُوهُ بِأَنَّهُ هُوَ الْغَالِبُ فِيمَا يُجْحِفُ بِالْأَزْوَاجِ، وَأَنه لَا يُبطلهُ عُمُومَ قَوْلِهِ: فِيمَا افْتَدَتْ وَقَدْ أَشَارَ مَالِكٌ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَرَاهُ مُوجِبًا لِلْفَسَادِ وَالنَّهْيِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَخْتَلُّ بِهِ ضَرُورِيٌّ أَوْ حَاجِيٌّ، بَلْ هُوَ آيِلٌ إِلَى التَّحْسِينَاتِ، وَقَدْ مَضَى عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى جَوَازِهِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ هَلْ هِيَ مُحْكَمَةٌ أَمْ مَنْسُوخَةٌ؟ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ، وَقَالَ فَرِيقٌ: مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [20] وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً وَنَسَبَهُ الْقُرْطُبِيُّ لِبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ، وَمَوْرِدُ آيَةِ النِّسَاءِ فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ فِرَاقَ امْرَأَتِهِ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَهَا، ثُمَّ
يَزِيدُ فَيَأْخُذُ مِنْهَا مَالًا، بِخِلَافِ آيَةِ الْبَقَرَةِ فَهِيَ فِي إِرَادَةِ الْمَرْأَةِ فِرَاقَ زَوْجِهَا عَنْ كَرَاهِيَةٍ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 412
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست