responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 413
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
جُمْلَةُ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً وَمَا اتَّصَلَ بِهَا، وَبَيْنَ الْجُمْلَةِ الْمُفَرَّعَةِ عَلَيْهَا وَهِيَ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ الْآيَةَ. وَمُنَاسَبَةُ الِاعْتِرَاضِ مَا جَرَى فِي الْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهَا مِنْ مَنْعِ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنِ الطَّلَاقِ، إِلَّا فِي حَالَةِ الْخَوْفِ مِنْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ، وَكَانَتْ حُدُودُ اللَّهِ مُبَيَّنَةً فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَجِيءَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الْمُعْتَرِضَةِ تَبْيِينًا لِأَنَّ مَنْعَ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى الطَّلَاقِ هُوَ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ.
وَحُدُودُ اللَّهِ اسْتِعَارَةٌ لِلْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الشَّرْعِيَّةِ بِقَرِينَةِ الْإِشَارَةِ، شُبِّهَتْ بِالْحُدُودِ الَّتِي هِيَ الْفَوَاصِلُ الْمَجْعُولَةُ بَيْنَ أَمْلَاكِ النَّاسِ، لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ، تَفْصِلُ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَتَفْصِلُ بَيْنَ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّاسُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَمَا هُمْ عَلَيْهِ بَعْدَهُ.
وَالْإِقَامَةُ فِي الْحَقِيقَةِ الْإِظْهَارُ وَالْإِيجَادُ، يُقَالُ: أَقَامَ حَدًّا لِأَرْضِهِ، وَهِيَ هُنَا اسْتِعَارَةٌ لِلْعَمَلِ بِالشَّرْعِ تَبَعًا لِاسْتِعَارَةِ الْحُدُودِ لِلْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَكَذَلِكَ إِطْلَاقُ الِاعْتِدَاءِ الَّذِي هُوَ تَجَاوُزُ الْحَدِّ عَلَى مُخَالَفَةِ حُكْمِ الشَّرْعِ، هُوَ اسْتِعَارَةٌ تَابِعَةٌ لِتَشْبِيهِ الْحُكْمِ بِالْحَدِّ.
وَجُمْلَةُ: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ تَذْيِيلٌ وَأَفَادَتْ جُمَلَةُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ حَصْرًا وَهُوَ حَصْرٌ حَقِيقِيٌّ، إِذْ مَا مِنْ ظَالِمٍ إِلَّا وَهُوَ مُتَعَدٍّ لِحُدُودِ اللَّهِ، فَظَهَرَ حَصْرُ حَالِ الْمُتَعَدِّي حُدُودَ اللَّهِ فِي أَنَّهُ ظَالِمٌ.
وَاسْمُ الْإِشَارَةِ مِنْ قَوْلِهِ: فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ مَقْصُودٌ مِنْهُ تَمْيِيزُ الْمُشَارِ إِلَيْهِ، أَكْمَلَ تَمْيِيزٍ، وَهُوَ مَنْ يَتَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ، اهْتِمَامًا بِإِيقَاعِ وَصْفِ الظَّالِمِينَ عَلَيْهِمْ.
وَأَطْلَقَ فِعْلَ يَتَعَدَّ عَلَى مَعْنًى يُخَالِفُ حُكْمَ اللَّهِ تَرْشِيحًا لِاسْتِعَارَةِ الْحُدُودِ لِأَحْكَامِ اللَّهِ، وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ تَرْشِيحًا مُسْتَعَارٌ لِمُخَالَفَةِ أَحْكَامِ اللَّهِ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ تُشْبِهُ مُجَاوَزَةَ الْحَدِّ فِي الِاعْتِدَاءِ عَلَى صَاحِبِ الشَّيْءِ الْمَحْدُودِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 413
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست