responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 390
وَ (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ) أَيْ يَتَلَبَّثْنَ وَيَنْتَظِرْنَ مُرُورَ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، وَزِيدَ بِأَنْفُسِهِنَّ تَعْرِيضًا بِهِنَّ، بِإِظْهَارِ حَالِهِنَّ فِي مَظْهَرِ الْمُسْتَعْجِلَاتِ، الرَّامِيَاتِ بِأَنْفُسِهِنَّ إِلَى التَّزَوُّجِ، فَلِذَلِكَ أُمِرْنَ أَنْ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ، أَيْ يُمْسِكْنَهُنَّ وَلَا يرسلنهن إِلَى الرِّجَال. قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : «فَفِي ذِكْرِ الْأَنْفُسِ تَهْيِيجٌ لَهُنَّ عَلَى التَّرَبُّصِ وَزِيَادَةُ بَعْثٍ لِأَنَّ فِيهِ مَا يَسْتَنْكِفْنَ مِنْهُ فَيَحْمِلُهُنَّ عَلَى أَنْ يَتَرَبَّصْنَ» وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ النُّحَاةِ أَنَّ بِأَنْفُسِهِنَّ تَأْكِيدٌ لِضَمِيرِ (الْمُطَلَّقَاتِ) ، وَأَنَّ الْبَاءَ
زَائِدَةٌ، وَمِنْ هُنَالِكَ قَالَ بِزِيَادَةِ الْبَاءِ فِي التَّوْكِيدِ الْمَعْنَوِيِّ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ «الْمُغْنِي» وَرَدَّهُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ بِأَنَّ حَقَّ تَوْكِيدِ الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ ذِكْرِ الضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلِ أَوْ بِفَاصِلٍ آخَرَ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ: اكْتَفَى بِحَرْفِ الْجَرِّ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِأَنَّ التَّوْكِيدَ لَا دَاعِيَ إِلَيْهِ إِذْ لَا يَذْهَبُ عَقْلُ السَّامِعِ إِلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ غَيْرَ الْمُطَلَّقَاتِ الَّذِي هُوَ الْمُبْتَدَأُ، الَّذِي تَضَمَّنَ الضَّمِيرُ خَبَرَهُ.
وَانْتَصَبَ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ، عَلَى النِّيَابَةِ عَنِ الْمَفْعُولِ فِيهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مُدَّةَ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، فَلَمَّا حُذِفَ الْمُضَافُ خَلَفَهُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ فِي الْإِعْرَابِ.
وَالْقُرُوءُ جَمْعُ قَرْءٍ- بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّهَا- وَهُوَ مُشْتَرَكٌ لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلِانْتِقَالِ مِنَ الطُّهْرِ إِلَى الْحَيْضِ، أَوْ مِنَ الْحَيْضِ إِلَى الطُّهْرِ، فَلِذَلِكَ إِذَا أُطْلِقَ عَلَى الطُّهْرِ أَوْ عَلَى الْحَيْضِ كَانَ إِطْلَاقًا عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ، وَتَبِعَهُ الرَّاغِبُ، وَلَعَلَّهُمَا أَرَادَا بِذَلِكَ وَجْهَ إِطْلَاقِهِ عَلَى الضِّدَّيْنِ. وَأَحْسَبُ أَنَّ أَشْهَرَ مَعَانِي الْقَرْءِ عِنْدَ الْعَرَبِ هُوَ الطُّهْرُ، وَلِذَلِكَ وَرَدَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي الْحَيْضِ سَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، وَمَا سُؤَالُهُ إِلَّا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُطَلِّقُونَ إِلَّا فِي حَالِ الطُّهْرِ لِيَكُونَ الطُّهْرُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ مَبْدَأَ الِاعْتِدَادِ، وَكَوْنُ الطُّهْرِ الَّذِي طُلِّقَتْ فِيهِ هُوَ مَبْدَأَ الِاعْتِدَادِ هُوَ قَوْلُ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ مَا عَدَا ابْنَ شِهَابٍ فَإِنَّهُ قَالَ: يُلْغَى الطُّهْرُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ مِنَ الْقُرُوءِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْأَثَرِ أَنَّ الْقَرْءَ هُوَ الطُّهْرُ وَهَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَوْضَحِ كَلَامَيْهِ، وَابْنِ حَنْبَلٍ. وَالْمُرَادُ بِهِ الطُّهْرُ الْوَاقِعُ بَيْنَ دَمَيْنِ. وَقَالَ عَلِيٌّ وَعُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَجَمَاعَةٌ إِنَّهُ الْحَيْضُ. وَعَنِ الشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ الطُّهْرُ الْمُنْتَقَلُ مِنْهُ إِلَى الْحَيْضِ،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 390
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست