responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 386
وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ دَلِيلُ الْجَوَابِ، أَيْ فَحِنْثُهُمْ فِي يَمِينِ الْإِيلَاءِ مَغْفُورٌ لَهُمْ لِأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَفِيهِ إِيذَانٌ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ حَرَامٌ، لِأَنَّ شَأْنَ إِيلَائِهِمْ الْوَارِدَ فِيهِ
الْقُرْآنُ، قَصْدُ الْإِضْرَارِ بِالْمَرْأَةِ. وَقَدْ يَكُونُ الْإِيلَاءُ مُبَاحًا إِذَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْإِضْرَارُ وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ كَالَّذِي يَكُونُ لِقَصْدِ التَّأْدِيبِ، أَوْ لِقَصْدٍ آخَرَ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا، غَيْرِ قَصْدِ الْإِضْرَارِ الْمَذْمُومِ شَرْعًا. وَقَدْ آلَى النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، قِيلَ: لِمَرَضٍ كَانَ بِرِجْلِهِ، وَقِيلَ: لِأَجْلِ تَأْدِيبِهِنَّ لِأَنَّهُنَّ قَدْ لَقِينَ مِنْ سِعَةِ حِلْمِهِ وَرِفْقِهِ مَا حدا ببعضهن إِلَى الْإِفْرَاطِ فِي الْإِدْلَالِ، وَحَمَلَ الْبَقِيَّةَ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِالْأُخْرَيَاتِ، أَوْ عَلَى اسْتِحْسَانِ ذَلِكَ. وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ بِبَوَاطِنِ الْأُمُورِ.
وَأَمَّا جَوَازُ الْإِيلَاءِ لِلْمَصْلَحَةِ كَالْخَوْفِ عَلَى الْوَلَدِ مِنَ الْغَيْلِ، وَكَالْحِمْيَةِ مِنْ بَعْضِ الْأَمْرَاضِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، فَإِبَاحَتُهُ حَاصِلَةٌ مِنْ أَدِلَّةِ الْمَصْلَحَةِ وَنَفْيِ الْمَضَرَّةِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالْحَلِفِ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ، لِمَا فِيهِمْ مِنْ ضَعْفِ الْعَزْمِ وَاتِّهَامِ أَنْفُسِهِمْ بِالْفَلْتَةِ فِي الْأَمْرِ، إِنْ لَمْ يُقَيِّدُوهَا بِالْحَلِفِ.
وَعَزْمُ الطَّلَاقِ: التَّصْمِيمُ عَلَيْهِ، وَاسْتِقْرَارُ الرَّأْيِ فِيهِ بَعْدَ التَّأَمُّلِ وَهُوَ شَيْءٌ لَا يَحْصُلُ لِكُلِّ مُوَّلٍ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ غَالِبُ الْقَصْدِ مِنِ الْإِيلَاءِ الْمُغَاضَبَةَ وَالْمُضَارَّةَ، فَقَوْلُهُ: وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ دَلِيلٌ عَلَى شَرْطٍ مَحْذُوفٍ، دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله: فَإِنْ فاؤُ فَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ لَمْ يَفِيئُوا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الطَّلَاقُ، فَهُمْ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَفِيئُوا أَوْ يُطَلِّقُوا فَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَقَدْ وَقَعَ طَلَاقُهُمْ.
وَقَوْلُهُ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ دَلِيلُ الْجَوَابِ، أَيْ فَقَدْ لَزِمَهُمْ وَأَمْضَى طَلَاقَهُمْ، فَقَدْ حَدَّ اللَّهُ لِلرِّجَالِ فِي الْإِيلَاءِ أَجَلًا مَحْدُودًا، لَا يَتَجَاوَزُونَهُ، فَإِمَّا أَنْ يَعُودُوا إِلَى مُضَاجَعَةِ أَزْوَاجِهِمْ، وَإِمَّا أَنْ يطلقوا، وَلَا نمدوحة لَهُمْ غَيْرُ هَذَيْنِ.
وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِلْمُوَلِّي أَجَلًا وَغَايَةً، أَمَّا الْأَجَلُ فَاتَّفَقَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَالِفِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَالْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِإِيلَاءٍ، وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَحَمَّادٍ يَقُولُ: هُوَ إِيلَاءٌ، وَلَا ثَمَرَةَ لِهَذَا الْخِلَافِ فِيمَا يَظْهَرُ، إِلَّا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحَلِفِ بِقَصْدِ الضُّرِّ مِنْ تَأْدِيبِ الْقَاضِي إِيَّاهُ إِذَا رَفَعَتْ زَوْجُهُ أَمْرَهَا إِلَى الْقَاضِي وَمِنْ أَمْرِهِ إِيَّاهُ بِالْفَيْئَةِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 386
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست