responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 385
التَّقْصِيرُ قَالَ تَعَالَى: لَا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا [آل عمرَان: 118] وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ [النُّور: 22] وَصَارَ فِي الشَّرْعِ الْحَلِفَ الْمَخْصُوصَ» فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّاغِبِ أَنَّ الْإِيلَاءَ حَلِفٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَالتَّرْكِ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ لَا يَتَحَقَّقُ بِغَيْرِ مَعْنَى التَّرْكِ وَهُوَ الَّذِي
يَشْهَدُ بِهِ أَصْلُ الِاشْتِقَاقِ مِنَ الْأَلْوِ، وَتَشْهَدُ بِهِ مَوَارِدُ الِاسْتِعْمَالِ، لِأَنَّا نَجِدُهُمْ لَا يَذْكُرُونَ حَرْفَ النَّفْيِ بَعْدَ فِعْلِ آلَى وَنَحْوِهِ كَثِيرًا، وَيَذْكُرُونَهُ كَثِيرًا، قَالَ الْمُتَلَمِّسُ:
آلَيْتُ حَبَّ الْعِرَاقِ الدَّهْرَ أَطْعَمُهُ

وَقَالَ تَعَالَى: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا [النُّور: 22] أَيْ عَلَى أَنْ يُؤْتُوا وَقَالَ تَعَالَى هُنَا: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ فَعَدَّاهُ بِمِنْ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى دَعْوَى الْحَذْفِ وَالتَّضْمِينِ. وَأَيًّا مَا كَانَ فَالْإِيلَاءُ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، صَارَ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً فِي هَذَا الْحَلِفِ عَلَى الْوَصْفِ الْمَخْصُوصِ.
وَمَجِيءُ اللَّامِ فِي لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ لِبَيَانِ أَنَّ التَّرَبُّصَ جُعِلَ تَوْسِعَةً عَلَيْهِمْ، فَاللَّامُ لِلْأَجْلِ مِثْلُ هَذَا لَكَ وَيُعْلَمُ مِنْهُ مَعْنَى التَّخْيِيرِ فِيهِ، أَيْ لَيْسَ التَّرَبُّصُ بِوَاجِبٍ، فَلِلْمُوَلِّي أَنْ يَفِيءَ فِي أَقَلَّ مِنَ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ. وَعُدِّيَ فِعْلُ الْإِيلَاءِ بِمِنْ، مَعَ أَنَّ حَقَّهُ أَنْ يُعَدَّى بِعَلَى لِأَنَّهُ ضُمِّنَ هُنَا مَعْنَى الْبُعْدِ، فَعُدِّيَ بِالْحَرْفِ الْمُنَاسِبِ لِفِعْلِ الْبُعْدِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مُتَبَاعِدِينَ مِنْ نِسَائِهِمْ، فَمِنْ لِلِابْتِدَاءِ الْمَجَازِيِّ.
وَالنِّسَاءُ: الزَّوْجَاتُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ [الْبَقَرَة: 222] وَتَعْلِيقُ الْإِيلَاءِ بِاسْمِ النِّسَاءِ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ وَنَحْوِهِمَا إِلَى الْأَعْيَانِ، مِثْلُ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ [النِّسَاء: 23] وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ [الْبَقَرَة: 173] .
وَالتَّرَبُّصُ: انْتِظَارُ حُصُولِ شَيْءٍ لِغَيْرِ الْمُنْتَظَرِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [الْبَقَرَة: 228] ، وَإِضَافَةُ تَرَبُّصٍ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إِضَافَةٌ عَلَى مَعْنَى «فِي» كَقَوْلِهِ تَعَالَى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ [سبأ: 33] .
وَتَقْدِيمُ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ عَلَى الْمُبْتَدَأِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ، وَهُوَ تَرَبُّصٌ، لِلِاهْتِمَامِ بِهَذِهِ التَّوْسِعَةِ الَّتِي وَسَّعَ اللَّهُ عَلَى الْأَزْوَاجِ، وَتَشْوِيقٌ لِذِكْرِ الْمسند إِلَيْهِ. وفاؤُ رَجَعُوا أَيْ رَجَعُوا إِلَى قُرْبَانِ النِّسَاءِ، وَحذف مُتَعَلق فاؤُ بِالظُّهُورِ الْمَقْصُودِ. وَالْفَيْئَةُ تَكُونُ بِالتَّكْفِيرِ عَنِ الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةِ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 385
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست