responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 341
بِيَدِهِ لِيَضْرِبَهُ فَقَالَ الرَّجُلُ: أُعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَآلَى: لَا أَطْعَمُهَا أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَحْرِيمَهَا بِآيَةِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ.
وَالْخَمْرُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنْ مَصْدَرِ خمر الشَّيْء يخمره مِنْ بَابِ نَصَرَ إِذَا سَتَرَهُ، سُمِّيَ بِهِ عَصِيرُ الْعِنَبِ إِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ فَصَارَ مُسْكِرًا لِأَنَّهُ يَسْتُرُ الْعَقْلَ عَنْ تَصَرُّفِهِ الْخَلْقِيِّ تَسْمِيَةً مَجَازِيَّةً وَهِيَ إِمَّا تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ، أَوْ هُوَ اسْمٌ جَاءَ عَلَى زنة الْمصدر وَقيل:
هُوَ اسْمٌ لِكُلِّ مَشْرُوبٍ مُسْكِرٍ سَوَاءٌ كَانَ عَصِيرَ عِنَبٍ أَوْ عَصِيرَ غَيْرِهِ أَوْ مَاءً نُبِذَ فِيهِ زَبِيبٌ أَوْ تَمْرٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنَ الْأَنْبِذَةِ وَتُرِكَ حَتَّى يَخْتَمِرَ وَيُزْبِدَ، وَاسْتَظْهَرَهُ صَاحِبُ «الْقَامُوسِ» . وَالْحَقُّ أَنَّ الْخَمْرَ كُلُّ شَرَابٍ مُسْكِرٍ إِلَّا أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى عَصِيرِ الْعِنَبِ الْمُسْكِرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَنَافَسُونَ فِيهِ، وَأَنَّ غَيْرَهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ خَمْرٌ وَنَبِيذٌ وَفَضِيخٌ، وَقَدْ وَرَدَتْ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُعْظَمَ شَرَابِ الْعَرَبِ يَوْمَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ مِنْ فَضِيخِ التَّمْرِ، وَأَنَّ أَشْرِبَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ خَمْسَةٌ غَيْرُ عَصِيرِ الْعِنَبِ، وَهِيَ مِنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ وَالذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ وَبَعْضُهَا يُسَمَّى الْفَضِيخَ، وَالنَّقِيعَ، وَالسُّكُرْكَة، وَالْبِتْعَ. وَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَبِالْمَدِينَةِ خَمْسَةُ أَشْرِبَةٍ مَا فِيهَا شَرَابُ الْعِنَبِ، مَعْنَاهُ لَيْسَ مَعْدُودًا فِي الْخَمْسَةِ شَرَابُ الْعِنَبِ لقلَّة وجوده وليسر الْمُرَادُ أَنَّ شَرَابَ الْعِنَبِ لَا يُوجَدُ بِالْمَدِينَةِ. وَقَدْ كَانَ شَرَابُ الْعِنَبِ يُجْلَبُ إِلَى الْحِجَازِ وَنَجْدٍ مِنَ الْيَمَنِ وَالطَّائِفِ وَالشَّامِ قَالَ عَمْرُو ابْن كُلْثُومٍ:
وَلَا تبقي خمور الأندرين
وَأَنْدَرِينُ بَلَدٌ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ.
وَقَدِ انْبَنَى عَلَى الْخِلَافِ فِي مُسَمَّى الْخَمْرِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ خِلَافٌ فِي الْأَحْكَامِ، فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ خَمْرَ الْعِنَبِ حَرَامٌ كَثِيرُهَا إِجْمَاعًا وَقَلِيلُهَا عِنْدَ مُعْظَمِ الْعُلَمَاءِ وَيُحَدُّ شَارِبُ الْكَثِيرِ مِنْهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَفِي الْقَلِيلِ خِلَافٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَاهَا فَقَالَ الْجُمْهُورُ: كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ وَحُكْمُهُ كَحُكْمِ الْخَمْرِ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَخْذًا بِمُسَمَّى الْخَمْرِ عِنْدَهُمْ، وَبِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ الْوَاضِحِ أَنَّ حِكْمَةَ التَّحْرِيمِ هِيَ الْإِسْكَارُ وَهُوَ ثَابِتٌ لِجَمِيعِهَا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 341
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست