responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 24
زِيَادَةُ تَأْكِيدٍ فِي الرُّجُوعِ إِلَى مَا كَانَ وَرَاءَهُ لِأَنَّ الْعَقِبَيْنِ هُمَا خَلْفُ السَّاقَيْنِ أَيِ انْقَلَبَ على طَرِيق عَقِيبه وَهُوَ هُنَا اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ لِلِارْتِدَادِ عَنِ الْإِسْلَامِ رُجُوعًا إِلَى الْكُفْرِ السَّابِقِ.
وَ (مَنْ) مَوْصُولَةٌ وَهِيَ مَفْعُولُ (نَعْلَمُ) وَالْعِلْمُ بِمَعْنَى الْمَعْرِفَةِ وَفِعْلُهُ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ.
وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها وَالْمُنَاسَبَةُ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّ جُمْلَةَ وَإِنْ كانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْعلَّة لجملة لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ فَإِنَّهَا مكا كَانَتْ دَالَّةً عَلَى الِاتِّبَاعِ وَالِانْقِلَابِ إِلَّا لِأَنَّهَا أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا تَسَاهُلَ فِيهِ فَيَظْهَرُ بِهِ الْمُؤْمِنُ الْخَالِصُ مِنَ الْمَشُوبِ وَالضَّمِيرُ الْمُؤَنَّثُ عَائِدٌ لِلْحَادِثَةِ أَوِ الْقِبْلَةِ بِاعْتِبَارِ تَغَيُّرِهَا.
وَإِن مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ.
وَالْكَبِيرَةُ هُنَا بِمَعْنَى الشَّدِيدَةِ الْمُحْرِجَةِ لِلنُّفُوسِ، تَقُولُ الْعَرَبُ كَبُرَ عَلَيْهِ كَذَا إِذَا كَانَ شَدِيدًا عَلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ [الْأَنْعَام: 35] .

وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ.
الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ لِنَعْلَمَ أَيْ لِنُظْهِرَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ وَمَنْ يَنْقَلِب على عَقِيبه وَنَحْنُ غَيْرُ مُضَيِّعِينَ إِيمَانَكُمْ. وَذِكْرُ اسْمِ الْجَلَالَةِ مِنَ الْإِظْهَارِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِلتَّعْظِيمِ.
رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِب قَالَ: « [و] [1] كَانَ [الَّذِي] «2» مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَن تحوّل [قبل الْبَيْت] «3» رِجَالٌ قُتِلُوا لَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ. وَفِي قَوْلِهِ: «قتلوا» إِشْكَال لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قِتَالٌ قَبْلَ تَحْويل الْقبْلَة وسنين ذَلِكَ، وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا وُجِّهَ النَّبِيءُ إِلَى الْكَعْبَةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ الْآيَةَ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَالْإِضَاعَةُ إِتْلَافُ الشَّيْءِ وَإِبْطَالُ آثَارِهِ وَفُسِّرَ الْإِيمَانُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَفُسِّرَ أَيْضًا بِالصَّلَاةِ نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ مَالِكٍ. وَتَعَلَّقَ (يَضِيعُ) بِالْإِيمَانِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ فَإِنْ فُسِّرَ الْإِيمَانُ عَلَى ظَاهِرِهِ كَانَ التَّقْدِيرُ لِيُضِيعَ

(1، 2، 3) زِيَادَة من «صَحِيح البُخَارِيّ» انْظُر «فتح الْبَارِي» (8/ 171) . [[لَيست فِي المطبوعة = التونسية]]
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست