responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 226
وَهَذَا دَلِيلٌ على أَن الْمُرَادِ بِالْإِحْصَارِ فِيمَا تَقَدَّمَ مَا يَشْمَلُ مَنْعَ الْعَدُوِّ وَلِذَلِكَ قِيلَ (إِذَا أَمِنْتُمْ) وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا مَفْهُومَ لِلشَّرْطِ هُنَا لِأَنَّهُ خَرَجَ لِأَجْلِ حَادِثَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَالْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى حُكْمِ الْعُمْرَةِ، لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الْأَمْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ جَاءُوا فِي عَامِ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ مُعْتَمِرِينَ وَنَاوِينَ إِنْ مُكِّنُوا مِنَ الْحَجِّ أَنْ يَحُجُّوا، وَيُعْلَمُ حُكْمُ الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ إِذَا زَالَ عَنْهُ الْمَانِعُ بِالْقِيَاسِ عَلَى حُكْمِ الْخَائِفِ.
وَقَوله: فَمن تمنع جَوَابُ (إِذَا) وَالتَّقْدِيرُ فَإِذَا أَمِنْتُمْ بَعْدَ الْإِحْصَارِ وَفَاتَكُمْ وَقْتُ الْحَجِّ وَأَمْكَنَكُمْ أَنْ تَعْتَمِرُوا فَاعْتَمِرُوا وَانْتَظرُوا الْحَج إِلَى عَامِ قَابِلٍ، وَاغْتَنِمُوا خَيْرَ الْعُمْرَةِ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ عِوَضًا عَنْ هَدْيِ الْحَجِّ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ صَدْرَ الْآيَةِ أُرِيدَ بِهِ الْإِحْصَارُ الَّذِي لَا يَتَمَكَّنُ مَعَهُ الْمُحْصَرُ مِنْ حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: فَإِذا أَمِنْتُمْ أُرِيدَ بِهِ حُصُولُ الْأَمْنِ مَعَ إِمْكَانِ الْإِتْيَانِ بِعُمْرَةٍ وَقَدْ فَاتَ وَقْتُ الْحَجِّ، أَيْ أَنَّهُ فَاتَهُ الْوَقْتُ وَلَمْ يَفُتْهُ مَكَانُ الْحَجِّ، وَيُعْلَمُ أَنَّ مَنْ أَمِنَ وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُهُ بِأَنْ يَحُجَّ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ.
وَمَعْنَى تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ انْتَفَعَ بِالْعُمْرَةِ عَاجِلًا، وَالِانْتِفَاعُ بِهَا إِمَّا بِمَعْنَى الِانْتِفَاعِ بِثَوَابِهَا، أَوْ بِسُقُوطِ وُجُوبِهَا إِنْ قِيلَ إِنَّهَا وَاجِبَةٌ مَعَ إِسْقَاطِ السَّفَرِ لَهَا إِذْ هُوَ قَدْ أَدَّاهَا فِي سَفَرِ الْحَجِّ، وَإِمَّا بِمَعْنَى الِانْتِفَاعِ بِالْحِلِّ مِنْهَا ثُمَّ إِعَادَةُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فَانْتَفَعَ بِأَلَّا يَبْقَى فِي كُلْفَةِ الْإِحْرَامِ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَهَذَا رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، إِذْ أَبَاحَ الْعُمْرَةَ فِي مُدَّةِ الْحَجِّ بَعْدَ أَنْ كَانَ ذَلِكَ مَحْظُورًا فِي عَهْدِ الْجَاهِلِيَّةِ إِذْ كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَعْظَمِ الْفُجُورِ.
فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِالْعُمْرَةِ صِلَةُ فِعْلِ تَمَتَّعَ، وَقَوْلُهُ: إِلَى الْحَجِّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ معنى (إِلَى) تَقْدِيره مُتَرَبِّصًا إِلَى وَقْتِ الْحَجِّ أَوْ بَالِغًا إِلَى وَقْتِ الْحَجِّ أَيْ أَيَّامِهِ وَهِيَ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ وَقَدْ فُهِمْ مِنْ كَلِمَةِ (إِلَى) أَنَّ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ زَمَنًا لَا يَكُونُ فِيهِ الْمُعْتَمِرُ مُحْرِمًا وَهُوَ الْإِحْلَالُ الَّذِي بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، فَعَلَيهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ لِأَجْلِ الْإِحْلَالِ الَّذِي بَيْنَ الْإِحْرَامَيْنِ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَهْدِ وَقْتَ الْإِحْصَارِ فِيمَا أَرَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْآيَةُ جَاءَتْ بِلَفْظِ التَّمَتُّعِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَيْ الِانْتِفَاعِ وَأَشَارَتْ إِلَى مَا سَمَّاهُ الْمُسْلِمُونَ بِالتَّمَتُّعِ وَبِالْقِرَانِ وَهُوَ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ الَّتِي أَبْطَلَ بِهَا شَرِيعَةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَاسْمُ التَّمَتُّعِ يَشْمَلُهَا لَكِنَّهُ خَصَّ التَّمَتُّعَ بِأَنْ يُحْرِمَ الْحَاجُّ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يَحِلُّ مِنْهَا ثُمَّ
يَحُجُّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ قَبْلَ الرُّجُوعِ إِلَى أُفُقِهِ، وَخَصَّ الْقرَان بِأَن يقرن الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فِي إِهْلَالٍ وَاحِدٍ وَيَبْدَأَ فِي فِعْلِهِ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ يَحِلَّ مِنْهَا وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُرْدِفَ الْحَجَّ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست