responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 225
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: «حُمِلْتُ إِلَى النَّبِيءِ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ مَا كُنْتُ أَرَى الْجُهْدَ قَدْ بَلَغَ بِكَ هَذَا، أَمَا تَجِدُ شَاةً؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ وَاحْلِقْ رَأْسَكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
فِيَّ خَاصَّةً وَهِيَ لكم عَامَّة اهـ» وَمِنْ لَطَائِفِ الْقُرْآنِ تَرْكُ التَّصْرِيحِ بِمَا هُوَ مَرْذُولٌ مِنَ الْأَلْفَاظِ.
وَقَوْلُهُ: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ مَحْذُوفُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ لِظُهُورِهِ أَيْ عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى فَلْيَحْلِقْ رَأْسَهُ وَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ، وَقَرِينَةُ الْمَحْذُوفِ قَوْلُهُ: وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ وَقَدْ أَجْمَلَ اللَّهُ الْفِدْيَةَ وَمِقْدَارَهَا وَبَيَّنَهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ.
وَالنُّسُكُ بِضَمَّتَيْنِ وَبِسُكُونِ السِّينِ مَعَ تَثْلِيثِ النُّونِ الْعِبَادَةُ وَيُطْلَقُ عَلَى الذَّبِيحَةِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا التَّعَبُّدُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا مُشْتَقٌّ مِنْ نَسَكَ كَنَصَرَ وَكَرُمَ إِذَا عَبَدَ وَذَبَحَ لِلَّهِ وَسُمِّيَ الْعَابِدُ نَاسِكًا، وَأَغْلَبُ إِطْلَاقِهِ عَلَى الذَّبِيحَةِ الْمُتَقَرَّبِ بِهَا إِلَى مَعْبُودٍ
وَفِي الْحَدِيثِ: «وَالْآخَرُ يَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ»
يَعْنِي الضَّحِيَّةَ.
فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ.
الْفَاءُ لِلْعَطْفِ عَلَى أُحْصِرْتُمْ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْأَمْنِ زَوَالَ الْإِحْصَارِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَعَلَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ أَنْ فُرِضَ الْحَجُّ، لِأَنَّ فِيهَا ذِكْرَ التَّمَتُّعِ وَذِكْرَ صِيَامِ الْمُتَمَتِّعِ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي مُدَّةِ الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أُفُقِهِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ فِعْلِ الْحَجِّ. وَالْفَاءُ لِمُجَرَّدِ التَّعْقِيبِ الذكري.
وَجِيء بإذا لِأَنَّ فِعْلَ الشَّرْطِ مَرْغُوبٌ فِيهِ، وَالْأَمْنُ ضِدُّ الْخَوْفِ، وَهُوَ أَيْضًا السَّلَامَةُ مِنْ كُلِّ مَا يُخَافُ مِنْهُ أَمِنَ كَفَرِحَ أَمْنًا، أَمَانًا، وَأَمْنًا، وَأَمَنَةً وَإِمْنًا بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ قَاصِرٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَأْمُونِ مِنْهُ فيتعدى بِمن تَقُولُ: أَمِنْتُ مِنَ الْعَدُوِّ، وَيَتَعَدَّى إِلَى الْمَأْمُونِ تَقُولُ: أَمِنْتُ فُلَانًا إِذَا جَعَلْتَهُ آمِنًا مِنْكَ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْأَمْنَ ضِدُّ الْخَوْفِ مِنَ الْعَدُوِّ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِمُتَعَلِّقِهِ وَفِي الْقُرْآنِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ [التَّوْبَة: 6] فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُتَعَلِّقٌ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ الْخَوْفِ مِنَ الْقِتَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً [الْبَقَرَة: 126] .

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست