responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 163
كَوَجَعِ إِصْبَعٍ، فَإِنَّ الصَّوْمَ لَا يَزِيدُ وَجَعَ الْإِصْبَعِ وَهَذَا لَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ، وَنَوْعٌ لَهُ تَأْثِيرٌ شَدِيدٌ مَعَ الْعِبَادَةِ كَالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْمَنَافِعِ وَهَذَا يُوجِبُ سُقُوطَ تِلْكَ الْعِبَادَةِ، وَنَوْعٌ يَقْرُبُ مِنْ هَذَا فَيُوجِبُ مَا يُوجِبُهُ» [1] .
وَذَهَبَ ابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَالْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّ الْمَرَضَ وَهُوَ الْوَجَعُ وَالِاعْتِلَالُ يُسَوِّغُ الْفِطْرَ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الصَّوْمُ مُؤَثِّرًا فِيهِ شِدَّةً أَوْ زِيَادَةً لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْمَرَضَ سَبَبَ الْفِطْرِ كَمَا جَعَلَ السَّفَرَ سَبَبَ الْفِطْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَدْعُوَ إِلَى الْفِطْرِ ضَرُورَةٌ كَمَا فِي السَّفَرِ، يُرِيدُونَ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ الزَّائِدَةِ غَالِبًا، قِيلَ دَخَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَهُوَ يَأْكُلُ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: إِنَّهُ وَجَعَتْنِي إِصْبَعِي هَذِهِ فَأَفْطَرْتُ، وَعَنِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: اعْتَلَلْتُ بِنَيْسَابُورَ عِلَّةً خَفِيفَةً فِي رَمَضَانَ فَعَادَنِي إِسْحَاقُ بن رَاهَوَيْهِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لِي:
أَفْطَرْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قُلْتُ: نَعَمْ أَخْبَرَنَا عَبْدَانُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مِنْ أَيِّ الْمَرَضِ أُفْطِرُ؟ قَالَ: مِنْ أَيِّ مَرَضٍ كَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً وَقِيلَ: إِذَا لَمْ يَقْدِرِ الْمَرِيضُ عَلَى الصَّلَاةِ قَائِمًا أَفْطَرَ، وَإِنَّمَا هَذِهِ حَالَةٌ خَاصَّةٌ تَصْلُحُ مِثَالًا وَلَا تَكُونُ شَرْطًا، وَعُزِيَ إِلَى الْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ إِذْ أَيْنَ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الْإِفْطَارِ فِي الصِّيَامِ، وَفِي هَذَا الْخِلَافِ مَجَالٌ لِلنَّظَرِ فِي تَحْدِيدِ مَدَى الِانْحِرَافِ وَالْمَرَضِ الْمُسَوِّغَيْنِ إِفْطَارَ الصَّائِمِ، فَعَلَى الْفَقِيهِ الْإِحَاطَةُ بِكُل ذَلِك ونقربه مِنَ الْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ لِلْمُسَافِرِ وَلِلْمَرْأَةِ الْحَائِضِ.
وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلى سَفَرٍ أَيْ أَوْ كَانَ بِحَالَةِ السَّفَرِ وَأَصْلُ (عَلَى) الدَّلَالَةُ عَلَى الِاسْتِعْلَاءِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ مَجَازًا فِي التَّمَكُّنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ [الْبَقَرَة: 5]
ثُمَّ شَاعَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ يَقُولُوا فُلَانٌ عَلَى سَفَرٍ أَيْ مُسَافِرٌ لِيَكُونَ نصا فِي التَّلَبُّس، لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ يَحْتَمِلُ الِاسْتِقْبَالَ فَلَا يَقُولُونَ عَلَى سَفَرٍ لِلْعَازِمِ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُ ...
مَاذَا عَلَى الْبَدْرِ الْمُحَجَّبِ لَوْ سَفَرْ ... إِنَّ الْمُعَذَّبَ فِي هَوَاهُ عَلَى سَفَرْ
أَرَادَ أَنَّهُ عَلَى وَشْكِ الْمَمَاتِ فَخَطَأٌ مِنْ أَخْطَاءِ الْمُوَلَّدِينَ فِي الْعَرَبِيَّةِ، فَنَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي التَّلَبُّسِ بِالْفِعْلِ، عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يُفْطِرُ حَتَّى يَأْخُذَ فِي السَّيْرِ فِي السَّفَرِ دُونَ مُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَالْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَرَادَ السَّفَرَ فِي رَمَضَانَ فَرُحِّلَتْ دَابَّتُهُ وَلَبِسَ ثِيَابَ السَّفَرِ وَقَدْ تَقَارَبَ غُرُوبُ الشَّمْسِ فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ رَكِبَ وَقَالَ: هَذِهِ السُّنَّةُ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إِذَا أَصْبَحَ مُقِيمًا ثُمَّ سَافَرَ

[1] «الفروق» للقرافي (1/ 118) ، عَالم الْكتاب.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست