responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 162
الصِّيَامُ بِقَوْلِهِ: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ ثُمَّ نُسِخَ صَوْمُهَا بِصَوْمِ رَمَضَانَ وَهِيَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَهِيَ أَيَّامُ الْبِيضِ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مُعَاذٌ وَقَتَادَةُ وَعَطَاءٌ وَلَمْ يَثْبُتْ مِنَ الصَّوْمِ الْمَشْرُوعِ لِلْمُسْلِمِينَ قَبْلَ رَمَضَانَ إِلَّا صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَمَا فِي «الصَّحِيحِ» وَهُوَ مَفْرُوضٌ بِالسُّنَّةِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ أَنَّ صَوْمَ عَاشُورَاءَ وَالْأَيَّامِ الْبِيضِ كَانَ فَرْضًا عَلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَثْبُتْ رِوَايَةً، فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهَا الْمُرَادَ مِنَ الْآيَةِ لَا لَفْظًا وَلَا أَثَرًا، عَلَى أَنَّهُ قَدْ نُسِخَ ذَلِكَ كُلُّهُ بِصَوْمِ رَمَضَانَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ
حَدِيثُ السَّائِلِ الَّذِي قَالَ: «لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ» .
فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.
تَعْقِيبٌ لِحُكْمِ الْعَزِيمَةِ بِحُكْمِ الرُّخْصَةِ، فَالْفَاءُ لِتَعْقِيبِ الْأَخْبَارِ لَا لِلتَّفْرِيعِ، وَتَقْدِيمُهُ هُنَا قَبْلَ ذِكْرِ بَقِيَّةِ تَقْدِيرِ الصَّوْمِ تَعْجِيلٌ بِتَطْمِينِ نُفُوسِ السَّامِعِينَ لِئَلَّا يَظُنُّوا وُجُوبَ الصَّوْمِ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ حَالٍ.
وَالْمَرِيضُ مَنْ قَامَ بِهِ الْمَرَضُ وَهُوَ انْحِرَافُ الْمِزَاجِ عَنْ حَدِّ الِاعْتِدَالِ الطَّبِيعِيِّ بِحَيْثُ تَثُورُ فِي الْجَسَدِ حُمًّى أَوْ وَجَعٌ أَوْ فَشَلٌ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ الْمَرَضِ الْمُوجِبِ لِلْفِطْرِ، فَأَمَّا الْمَرَضُ الْغَالِبُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْمَرِيضُ مَعَهُ الصَّوْمَ بِحَالٍ بِحَيْثُ يَخْشَى الْهَلَاكَ أَوْ مُقَارَبَتَهُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّهُ مُبِيحٌ لِلْفِطْرِ بَلْ يُوجِبُ الْفِطْرَ، وَأَمَّا الْمَرَضُ الَّذِي دُوَنَ ذَلِكَ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهِ فَذَهَبَ مُحَقِّقُو الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ الْمَرَضُ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ مَعَ الصِّيَامِ مَشَقَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَشَقَّةِ
الصَّوْمِ لِلصَّحِيحِ مِنَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ الْمُعْتَادَيْنِ، بِحَيْثُ يُسَبِّبُ لَهُ أَوْجَاعًا أَوْ ضَعْفًا مُنْهِكًا أَوْ تُعَاوِدُهُ بِهِ أَمْرَاضٌ سَاكِنَةٌ أَوْ يَزِيدُ فِي انْحِرَافِهِ إِلَى حَدِّ الْمَرَضِ أَوْ يُخَافُ تَمَادِي الْمَرَضِ بِسَبَبِهِ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ عَلَى تَفَاوُتٍ بَيْنَهُمْ فِي التَّعْبِيرِ، وَأَعْدَلُ الْعِبَارَاتِ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ لِأَنَّ اللَّهَ أَطْلَقَ الْمَرَضَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَا أَبَاحَ للْمَرِيض الْفِطْرَ إِلَّا لِأَنَّ لِذَلِكَ الْمَرَضِ تَأْثِيرًا فِي الصَّائِمِ، وَيَكْشِفُ ضَابِطَ ذَلِكَ قَوْلُ الْقَرَافِيِّ فِي الْفَرْقِ الرَّابِعَ عَشَرَ إِذْ قَالَ: «إِنَّ الْمَشَاقَّ قِسْمَانِ: قِسْمٌ ضَعِيفٌ لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ تِلْكَ الْعِبَادَةُ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فِي زَمَنِ الْبَرْدِ وَكَالصَّوْمِ، وَكَالْمُخَاطَرَةِ بِالنَّفْسِ فِي الْجِهَادِ، وَقِسْمٌ هُوَ مَا تَنْفَكُّ عَنْهُ الْعِبَادَةُ وَهَذَا أَنْوَاعٌ: نَوْعٌ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْعِبَادَةِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست