responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 150
وَخِلَافٌ لِمَا اشْتُهِرَ فِي السُّنَّةِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِأَنَّهَا صَارَتْ مَمْنُوعَةً لِلْوَارِثِ.
وَقِيلَ: الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ لَمْ تُنْسَخْ وَالْمَقْصُودُ بِهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ الْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ الْوَارِثِ مِنَ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ مِثْلَ الْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ وَالْأَقَارِبِ الَّذِينَ لَا مِيرَاثَ لَهُمْ وَبِهَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ وَالْحَسَنُ فِي رِوَايَة وطاووس وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ، وَالْأَصَحُّ هُوَ الْأَوَّلُ.
ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِبَقَاءِ حُكْمِ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ النَّسْخِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا بَقِيَتْ مَفْرُوضَةً لِلْأَقْرَبِينَ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ وَهَذَا قَول الْحسن وطاووس وَالضَّحَّاكِ وَالطَّبَرِيِّ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: هِيَ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، وَقَالَ بِهِ مِمَّنْ قَالَ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَسْرُوقٌ وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ وَالْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَقِيَتْ مَنْدُوبَةً لِلْأَقْرَبِينَ وَغَيْرِهِمْ وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا كَانَ أَقَارِبُهُ فِي حَاجَةٍ وَلَمْ يُوصِ لَهُمْ فَبِئْسَ مَا صَنَعَ وَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، وَقِيلَ تخْتَص بِالْقَرَابَةِ لَو أَوْصَى لِغَيْرِهِمْ بَطُلَتْ وَتُرَدُّ عَلَى أَقَارِبِهِ قَالَهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالشَّعْبِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالَّذِي عَلَيْهِ قَوْلُ مَنْ تُعْتَمَدُ أَقْوَالُهُمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ إِذَا لَمْ يَخْشَ بِتَرْكِهَا ضَيَاعَ حَقِّ أَحَدٍ عِنْدَ الْمُوصِي مَطْلُوبَةٌ، وَأَنَّهَا مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالسُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ
لِحَدِيثِ «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ لَهُ مَالٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ
مَكْتُوبَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ» ،
إِذَا كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ قَالَهُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَشْرُوعِيَّةِ الْفَرَائِضِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ بَيَانًا لِآيَةِ الْوَصِيَّةِ وَتَحْرِيضًا عَلَيْهَا، وَلَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ يَرَوْنَ الْوَصِيَّةَ فِي الْمَالِ حَقًّا شَرْعِيًّا، وَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى هَلْ كَانَ النَّبِيءُ أَوْصَى فَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَتْ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ وَلَمْ يُوَصِّ؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَاب الله اهـ، يُرِيدُ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ لَا يُورَثُ فَكَذَلِكَ لَا يُوصِي بِمَالِهِ وَلَكِنَّهُ أَوْصَى بِمَا يَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالتَّمَسُّكِ بِكِتَابِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقُولُوا لِلْمَرِيضِ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ أَنْ يَقُولُوا لَهُ أَوْصِ.
وَقَدِ اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَكُونُ لِوَارِثٍ لِمَا رَوَاهُ أَصْحَابُ «السُّنَنِ» عَنْ عُمَرَ بْنِ خَارِجَةَ وَمَا
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ كِلَاهُمَا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيءَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقِّ حَقَّهُ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»
وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَخَصَّ بِذَلِكَ عُمُومَ الْوَالِدَيْنِ وَعُمُومَ الْأَقْرَبِينَ وَهَذَا التَّخْصِيصُ نَسْخٌ، لِأَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ خَبَرَ أَحَادٍ فَقَدِ اعْتُبِرَ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَوَاتِرِ، لِأَنَّهُ سَمِعَهُ الْكَافَّةُ وَتَلَقَّاهُ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ بِالْقَبُولِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست