responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 74
وَقَدْ يَكُونُ تَكْرِيرُ لَا مُجْزِئًا عَنْ إِعَادَةِ اسْمِ الْمَوْصُولِ وَكَافِيًا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ خَصْلَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ مُوجِبَةٌ لِمُضَاعَفَةِ الْعَذَابِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا
فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيِّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ؟ قَالَ: أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ. قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خِيفَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ. قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ:
قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
تَصْدِيقَهَا وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِلَى أَثاماً، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَطِيَّةَ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ إِلَى قَوْلِهِ غَفُوراً رَحِيماً [الْفرْقَان: 68- 70] قِيلَ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ.
وَالْإِشَارَةُ بِ ذلِكَ إِلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الْكَبَائِرِ عَلَى تَأْوِيلِهِ بِالْمَذْكُورِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِهِ آنِفًا. وَالْمُتَبَادَرُ مِنَ الْإِشَارَةِ أَنَّهَا إِلَى الْمَجْمُوعِ، أَيْ مَنْ يَفْعَلُ مَجْمُوعَ الثَّلَاثِ. وَيُعْلَمُ أَنَّ جَزَاءَ مَنْ يَفْعَلُ بَعْضَهَا وَيَتْرُكُ بَعْضًا عَدَا الْإِشْرَاكِ دُونَ جَزَاءِ مَنْ يَفْعَلُ جَمِيعَهَا، وَأَنَّ الْبَعْضَ أَيْضًا مَرَاتِبُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَنْ يَفْعَلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِمَّا ذُكِرَ يَلِقَ أَثَامًا لِأَنَّ لُقِيَّ الْآثَامِ بُيِّنَ هُنَا
بِمُضَاعَفَةِ الْعَذَابِ وَالْخُلُودِ فِيهِ. وَقَدْ نَهَضَتْ أَدِلَّةٌ مُتَظَافِرَةٌ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّ مَا عَدَا الْكُفْرَ مِنَ الْمَعَاصِي لَا يُوجِبُ الْخُلُودَ، مِمَّا يَقْتَضِي تَأْوِيلَ ظَوَاهِرِ الْآيَةِ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُضَاعَفَةُ الْعَذَابِ مُسْتَعْمَلَةً فِي مَعْنَى قُوَّتِهِ، أَيْ يُعَذَّبُ عَذَابًا شَدِيدًا وَلَيْسَتْ لِتَكْرِيرِ عَذَابٍ مُقَدَّرٍ.
وَالْأَثَامُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَزَاءُ الْإِثْمِ عَلَى زِنَةِ الْوَبَالِ وَالنَّكَالِ، وَهُوَ أَشَدُّ مِنَ الْإِثْمِ، أَيْ يُجَازَى عَلَى ذَلِكَ سُوءًا لِأَنَّهَا آثَامٌ.
وَجُمْلَةُ: يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ يَلْقَ أَثاماً، وَإِبْدَالُ الْفِعْلِ مِنَ الْفِعْلِ إِبْدَالُ جُمْلَةٍ فَإِنْ كَانَ فِي الْجُمْلَةِ فِعْلٌ قَابِلٌ لِلْإِعْرَابِ ظَهَرَ إِعْرَابُ الْمَحَلِّ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ لِأَنَّهُ عِمَادُ الْجُمْلَةِ. وَجُعِلَ الْجَزَاءُ مُضَاعَفَةُ الْعَذَابِ وَالْخُلُودُ.
فَأَمَّا مُضَاعَفَةُ الْعَذَابِ فَهِيَ أَنْ يُعَذَّبَ عَلَى كُلِّ جُرْمٍ مِمَّا ذُكِرَ عَذَابًا مُنَاسِبًا وَلَا يُكْتَفَى بِالْعَذَابِ الْأَكْبَرِ عَنْ أَكْبَرِ الْجَرَائِمِ وَهُوَ الشِّرْكُ، تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الشِّرْكَ لَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 74
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست