responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 72
وَهِيَ فِي مُعَلَّقَةِ طَرَفَةَ وَفِي مُعَلَّقَةِ لَبِيَدٍ وَفِي مِيمِيَّةِ النَّابِغَةِ، وَيَفْتَخِرُونَ بِإِتْلَافِ الْمَالِ لِيَتَحَدَّثَ الْعُظَمَاءُ عَنْهُمْ بِذَلِكَ، قَالَ الشَّاعِرُ مَادِحًا:
مُفِيدٌ وَمِتْلَافٌ إِذَا مَا أَتَيْتَهُ ... تَهَلَّلَ وَاهْتَزَّ اهْتِزَازَ الْمُهَنَّدِ
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَر وَلَا يُقْتِرُوا بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ مِنَ الْإِقْتَارِ وَهُوَ مُرَادِفُ التَّقْتِيرِ. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ مِنْ قَتَرَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَهُوَ لُغَةٌ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ مِنْ فِعْلِ قَتَرَ مِنْ بَابِ نَصَرَ.
والإقتار والقتر: الإجحاف وَالنَّقْصُ مِمَّا تَسَعُهُ الثَّرْوَةُ وَيَقْتَضِيهِ حَالُ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ.
وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُقْتِرُونَ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَالضُّعَفَاءِ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ثَنَاءَ الْعُظَمَاءِ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ [الْبَقَرَة: 180] .
وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: بَيْنَ ذلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ بِتَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ، أَيِ الْإِسْرَافُ وَالْإِقْتَارُ.
وَالْقَوَامُ بِفَتْحِ الْقَافِ: الْعَدْلُ وَالْقَصْدُ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ.
وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يَضَعُونَ النَّفَقَاتِ مَوَاضِعَهَا الصَّالِحَةَ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ فَيَدُومُ إِنْفَاقُهُمْ وَقَدْ رَغَّبَ الْإِسْلَامُ فِي الْعَمَلِ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ، وَلِيَسِيرَ نِظَامُ الْجَمَاعَةِ عَلَى كِفَايَةٍ دُونَ تَعْرِيضِهِ لِلتَّعْطِيلِ فَإِنَّ الْإِسْرَافَ مِنْ شَأْنِهِ اسْتِنْفَادُ الْمَالِ فَلَا يَدُومُ الْإِنْفَاقُ، وَأَمَّا الْإِقْتَارُ فَمِنْ شَأْنِهِ إِمْسَاكُ الْمَالِ فَيُحْرَمُ مَنْ يَسْتَأْهِلُهُ.
وَقَوْلُهُ: بَيْنَ ذلِكَ خَبَرُ كانَ وقَواماً حَال موكّدة لِمَعْنَى بَيْنَ ذلِكَ. وَفِيهَا إِشْعَارٌ بِمَدْحِ مَا بَيْنَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ الصَّوَابُ الَّذِي لَا عِوَجَ فِيهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَواماً خَبَرَ كانَ وبَيْنَ ذلِكَ ظَرْفًا مُتَعَلِّقًا بِهِ. وَقَدْ جَرَتِ الْآيَةُ عَلَى مُرَاعَاةِ الْأَحْوَالِ الْغَالِبَةِ فِي إِنْفَاقِ النَّاسِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَالْقَوَامُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ عِيَالِهِ وَحَالِهِ وَلِهَذَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَمَنَعَ غَيْرَهُ من ذَلِك.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست