responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 223
الضَّلَالَةُ وَيَثُوبُ
إِلَى الْإِيمَانِ يَبْرَأُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ. وَصِيغَ الْخَبَرُ عَنْهُمْ بِالْخُسْرَانِ فِي صِيغَةِ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ وَقُرِنَ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى ثَبَاتِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ وَعَلَى انْحِصَارِ مَضْمُونِهَا فِيهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [النَّمْل: 3] .
وَجَاءَ الْمُسْنَدُ اسْمَ تَفْضِيلٍ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ أَوْحَدُونَ فِي الْخُسْرَانِ لَا يُشْبِهُهُ خُسْرَانُ غَيْرِهِمْ، لِأَنَّ الْخُسْرَانَ فِي الْآخِرَةِ مُتَفَاوِتُ الْمِقْدَارِ وَالْمُدَّةِ وَأَعْظَمُهُ فِيهِمَا خسران الْمُشْركين.
[6]

[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 6]
وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ [النَّمْل: 1] انْتِقَالٌ مِنَ التَّنْوِيهِ بِالْقُرْآنِ إِلَى التَّنْوِيهِ بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ آيَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ كِتَابٌ مُبِينٌ. وَذَلِكَ آيَةُ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، ثُمَّ بِأَنَّهُ آيَةٌ عَلَى صِدْقِ مَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ إِذْ أَنْبَأَهُ بِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ الْمَاضِينَ الَّتِي مَا كَانَ يَعْلَمُهَا هُوَ وَلَا قَوْمُهُ قَبْلَ الْقُرْآنِ. وَمَا كَانَ يَعْلَمُ خَاصَّةُ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهَا أَكْثَره مُحَرَّفٌ. وَأَيْضًا فَهَذَا تَمْهِيدٌ لِمَا يَذْكُرُ بَعْدَهُ مِنَ الْقِصَصِ.
وتلقى مُضَارِعُ لَقَّاهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ، أَيْ جَعَلَهُ لَاقَيًا. وَاللُّقِيُّ وَاللِّقَاءُ: وُصُولُ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ قَصْدًا أَوْ مُصَادَفَةً. وَالتَّلْقِيَةُ: جَعْلُ الشَّيْءِ لَاقِيًا غَيْرَهُ، قَالَ تَعَالَى:
وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً [الْإِنْسَان: 11] ، وَهُوَ هُنَا تَمْثِيلٌ لِحَالِ إِنْزَالِ الْقُرْآنِ إِلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَالِ التَّلْقِيَةِ كَأَنَّ جِبْرِيلَ سَعَى لِلْجَمْعِ بَيْنَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنِ.
وَإِنَّمَا بُنِيَ الْفِعْلُ إِلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ للْعلم بِأَنَّهُ الله أَوْ جِبْرِيلَ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ: وَهُوَ أَنَّك مؤتى الْوَحْي من لدن حَكِيم عليم.
وتأكيد الْخَبَر لمُجَرّد الاهتمام لِأَن الْمُخَاطب هُوَ النبيء وَهُوَ لَا يتَرَدَّد فِي ذَلِك، أَو يَكُونُ التَّأْكِيدُ مُوَجَّهًا إِلَى السَّامِعِينَ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّعْرِيضِ.
وَفِي إِقْحَامِ اسْمِ لَدُنْ بَيْنَ مِنْ وحَكِيمٍ تَنْبِيهٌ عَلَى شِدَّةِ انْتِسَابِ الْقُرْآنِ إِلَى جَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ أَصْلَ لَدُنْ الدَّلَالَةُ عَلَى الْمَكَانِ مِثْلُ (عِنْدَ) ثُمَّ شَاعَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست