responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 222
خَالِصًا أَوْ مَشُوبًا بِشَيْءٍ مِنَ التَّأَمُّلِ فِي مَفَاسِدِهِ، وَتِلْكَ مَرَاتِبُ لَا يُحِيطُ بِهَا إِلَّا الَّذِي يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تخفي الصُّدُور.
[5]

[سُورَة النَّمْل (27) : آيَة 5]
أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5)
قَصَدَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ زِيَادَةَ تَمْيِيزِهِمْ فَضْحًا لِسُوءِ حَالِهِمْ مَعَ مَا يُنَبِّهُ إِلَيْهِ اسْمُ الْإِشَارَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ مِنْ أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ مَا يُخْبِرُ بِهِ عَنْهُم ناشىء عَمَّا تَقَدَّمَ اسْمَ الْإِشَارَةِ كَمَا فِي أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [5] .
وَعَزَّزَ مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ فَأَعْقَبَ بِاسْمِ الْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ.
وَجِيءَ بِلَامِ الِاخْتِصَاصِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُمْ فِي حَالَتِهِمْ هَذِه قد هيّىء لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَذَابُ الدُّنْيَا وَهُوَ عَذَابُ السَّيْفِ وَخِزْيُ الْغَلَبِ يَوْمَ بَدْرٍ وَمَا بَعْدَهُ بِقَرِينَةِ عَطْفِ: وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ.
فَفِي الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى جَزَاءَيْنِ: جَزَاءٌ فِي الدُّنْيَا مَعْدُودٌ لَهُمْ يَسْتَحِقُّونَهُ بِكُفْرِهِمْ، فَهُمْ مَا دَامُوا كَافِرِينَ مُتَهَيِّئُونَ لِلْوُقُوعِ فِي ذَلِكَ الْعَذَابِ إِنْ جَاءَ إِبَّانَهُ وَهُمْ عَلَى الْكُفْرِ.
وَجَزَاءٌ فِي الْآخِرَةِ يَنَالُ مَنْ صَارَ إِلَى الْآخِرَةِ وَهُوَ كَافِرٌ، وَهَذَا الْمَصِيرُ يُسَمَّى بِالْمُوَافَاةِ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ.
وَلِكَوْنِ نَوَالِ الْعَذَابِ الْأَوَّلِ إيَّاهُم قَابلا للتفصّي مِنْهُ بِالْإِيمَانِ قُبَيْلَ حُلُولِهِ بِهِمْ جِيءَ فِي جَانِبِهِ بِلَامِ الِاخْتِصَاصِ الْمُفِيدَةِ كَوْنَهُ مُهَيَّأً تَهْيِئَةً، أَمَّا أَصَالَةُ جَزَاءِ الْآخِرَةِ إِيَّاهُمْ فَلَا مَنْدُوحَةَ لَهُمْ عَنهُ إِن جاؤوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِكُفْرِهِمْ.
فَالضَّمَائِرُ فِي قَوْلِهِ لَهُمْ وَقَوْلِهِ: وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ عَائِدَةٌ إِلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ [النَّمْل: 4] بِمُرَاعَاةِ ذَلِكَ الْعُنْوَانِ الَّذِي أَفَادَتْهُ الصِّلَةُ فَلَا دَلَالَةَ فِي الضَّمِيرِ عَلَى أَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ وَلَكِنْ عَلَى مَوْصُوفِينَ بِمَضْمُونِ الصِّلَةِ فَمَنْ تَنْقَشِعُ عَنْهُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست