responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 185
إِنْزَالٍ لِلْقُرْآنِ فِيهِ شَقَاءٌ لَهُ، وَنَفْيُ كُلِّ شَقَاءٍ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الْإِنْزَالِ، أَيْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الشَّقَاءِ فَلَا يَكُونُ إِنْزَالُ الْقُرْآنِ سَبَبًا فِي شَيْءٍ مِنَ الشَّقَاءِ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَوَّلُ مَا يُرَادُ مِنْهُ هُنَا أَسَفُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِعْرَاضِ قَوْمِهِ عَنِ الْإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ. قَالَ تَعَالَى: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً [الْكَهْف: 6] .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: مَا أَرْسَلْنَاكَ لِتَخِيبَ بَلْ لِنُؤَيِّدَكَ وَتَكُونَ لَكَ الْعَاقِبَةُ.
وَقَوْلُهُ إِلَّا تَذْكِرَةً اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مِنْ أَحْوَالٍ لِلْقُرْآنِ مَحْذُوفَةٍ، أَيْ مَا أَنْزَلَنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ فِي حَالٍ مِنْ أَحْوَالٍ إِلَّا حَالَ تَذْكِرَةٍ فَصَارَ الْمَعْنَى: مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى وَمَا أَنْزَلْنَاهُ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا تَذْكِرَةً. وَيَدُلُّ لِذَلِكَ تَعْقِيبُهُ بِقَوْلِهِ تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ الَّذِي هُوَ حَالٌ مِنَ الْقُرْآنِ لَا مَحَالَةَ، فَفِعْلُ أَنْزَلْنا عَامِلٌ فِي لِتَشْقى بِوَاسِطَةِ حَرْفِ الْجَرِّ، وَعَامِلٌ فِي تَذْكِرَةً بِوَاسِطَةِ صَاحِبِ الْحَالِ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْعِلَّةِ الْمَنْفِيَّةِ بِقَوْلِهِ: لِتَشْقى حَتَّى تَتَحَيَّرَ فِي تَقْوِيمِ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ فَتَفْزَعَ إِلَى جَعْلِهِ مُنْقَطِعًا وَتَقَعَ فِي كَلَفٍ لِتَصْحِيحِ النَّظْمِ.
وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ فِي «أَسْبَابِ النُّزُولِ» : «قَالَ مُقَاتِلٌ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ وَالنَّضِرُ بْنُ الْحَارِثِ (وَزَادَ غَيْرُ الْوَاحِدِيِّ: الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةَ، وَالْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ) لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ لِتَشْقَى بِتَرْكِ دِينِنَا، لَمَّا رَأَوْا مِنْ طُولِ عِبَادَتِهِ وَاجْتِهَادِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: طه مَا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى الْآيَةَ، وَلَيْسَ فِيهِ سَنَدٌ.
وَالتَّذْكِرَةُ: خُطُورُ الْمَنْسِيِّ بِالذِّهْنِ فَإِنَّ التَّوْحِيدَ مُسْتَقِرُّ فِي الْفِطْرَةِ وَالْإِشْرَاكُ مُنَافٍ لَهَا، فَالدَّعْوَةُ إِلَى الْإِسْلَامِ تَذْكِيرٌ لِمَا فِي الْفِطْرَةِ أَوْ تَذْكِيرٌ لِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست