responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 161
لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا إِذَا أَرَادُوا تَوْثِيقَ مَا يَتَعَاهَدُونَ عَلَيْهِ كَتَبُوهُ فِي صَحِيفَةٍ وَوَضَعُوهَا فِي مَكَانٍ حَصِينٍ مَشْهُورٍ كَمَا كَتَبَ الْمُشْرِكُونَ صَحِيفَةَ الْقَطِيعَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَوَضَعُوهَا فِي الْكَعْبَةِ. وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ حِلِّزَةَ:
حَذَرَ الْجَوْرِ والتَّطَاخِي وَهَلْ يَنْقُضُ ... مَا فِي الْمَهَارِقِ الْأَهْوَاءُ
وَلَعَلَّ فِي تَعْقِيبِهِ بِقَوْلِهِ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ إِشَارَةٌ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى بِطَرِيقِ مُرَاعَاةِ النَّظِيرِ.
وَاخْتِيرَ هُنَا من أَسْمَائِهِ الرَّحْمنِ، لِأَنَّ اسْتِحْضَارَ مَدْلُولِهِ أَجْدَرُ فِي وَفَائِهِ بِمَا عَهِدَ بِهِ مِنْ النِّعْمَةِ الْمَزْعُومَةِ لِهَذَا الْكَافِرِ، وَلِأَنَّ فِي ذِكْرِ هَذَا الِاسْمِ تَوَرُّكًا عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالُوا وَمَا الرَّحْمنُ [الْفرْقَان: 60] .
وكَلَّا حَرْفُ رَدْعٍ وَزَجْرٍ عَنْ مَضْمُونِ كَلَامٍ سَابِقٍ مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ، أَوْ مِنْ كَلَامٍ يُحْكَى عَنْ مُتَكَلِّمٍ آخَرَ أَوْ مَسْمُوعٍ مِنْهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي [الشُّعَرَاء: 61، 62] .
وَالْأَكْثَرُ أَنْ تَكُونَ عَقِبَ آخِرِ الْكَلَامِ الْمُبْطَلِ بِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَلَى الْكَلَامِ الْمُبْطَلِ لِلِاهْتِمَامِ بِالْإِبْطَالِ وَتَعْجِيلِهِ وَالتَّشْوِيقِ إِلَى سَمَاعِ الْكَلَامِ الَّذِي سَيَرِدُ بَعْدَهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ [المدثر: 32- 35] على أَحَدِ تَأْوِيلَيْنِ، وَلِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْإِبْطَالِ كَانَتْ فِي مَعْنَى النَّفْيِ، فَهِيَ نَقِيضُ إِي وَأجل وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَحْرُفِ الْجَوَابِ بِتَقْدِيرِ الْكَلَامِ السَّابِقِ.
وَالْمَعْنَى: لَا يَقَعُ مَا حَكَى عَنْهُ مِنْ زَعْمِهِ وَلَا مِنْ غُرُورِهِ، وَالْغَالِبُ أَنْ تَكُونَ مُتْبَعَةً بِكَلَامٍ بَعْدَهَا، فَلَا يُعْهَدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ فِي رَدِّ كَلَامٍ: كَلَّا، وَيَسْكُتُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست