responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 160
وَ (أَطَّلَعَ) افْتَعَلَ مَنْ طَلَعَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي حُصُولِ فِعْلِ الطُّلُوعِ وَهُوَ الِارْتِقَاءُ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِمَكَانِ الطُّلُوعِ مَطْلَعٌ بِالتَّخْفِيفِ وَمُطَّلَعٌ بِالتَّشْدِيدِ. وَمِنْ أَجْلِ هَذَا أُطْلِقَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْإِشْرَافِ عَلَى الشَّيْءِ، لِأَنَّ الَّذِي يَرُومُ الْإِشْرَافَ عَلَى مَكَانٍ مَحْجُوبٍ عَنْهُ يَرْتَقِي إِلَيْهِ مِنْ عُلُوٍّ، فَالْأَصْلُ أَنَّ فِعْلَ (اطَّلَعَ) قَاصِرٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى التَّعْدِيَةِ، قَالَ تَعَالَى: قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ [الصافات: 54، 55] ، فَإِذَا ضُمِّنَ أَطَّلَعَ مَعْنَى أَشَرَفَ عُدِّيَ بِحَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ كَقَوْلَهِ تَعَالَى: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَتَقَدَّمَ إِجْمَالًا فِي سُورَةِ الْكَهْفِ [18] .
فَانْتَصَبَ الْغَيْبَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لَا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ. قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : «وَلِاخْتِيَارِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ شَأْن، يَقُول: أَو قد بَلَغَ مِنْ عَظَمَةِ شَأْنِهِ أَنِ ارْتَقَى إِلَى عِلَمِ الْغَيْبِ» اه. فَالْغَيْبُ: هُوَ مَا غَابَ عَنِ الْأَبْصَارِ.
وَالْمَعْنَى: أَأَشْرَفَ عَلَى عَالَمِ الْغَيْبِ فَرَأَى مَالًا وَوَلَدًا مُعَدَّيْنِ لَهُ حِينَ يَأْتِي يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَوْ فَرَأَى مَالَهُ وَوَلَدَهُ صَائِرِينَ مَعَهُ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ فَسَيَكُونُ لِي مَالٌ وَوَلَدٌ عَنَى أَنَّ مَالَهُ وَوَلَدَهُ رَاجِعَانِ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ أَمْ عَهِدَ اللَّهُ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ مُعْطِيهِ ذَلِكَ فَأَيْقَنَ بِحُصُولِهِ، لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا أُعِدَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَحَدُ هَذَيْنِ إِمَّا مُكَاشَفَةُ ذَلِكَ وَمُشَاهَدَتُهُ، وَإِمَّا إِخْبَارُ اللَّهِ بِأَنَّهُ يُعْطِيهِ إِيَّاهُ.
وَمُتَعَلِّقُ الْعَهْدِ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ. تَقْدِيرُهُ: بِأَنْ يُعْطِيَهُ مَالًا وَوَلَدًا.
وعِنْدَ ظَرْفُ مَكَانٍ، وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ بِتَشْبِيهِ الْوَعْد بِصَحِيفَة مَكْتُوبَة بِهَا تَعَاهُدٌ وَتَعَاقُدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ مَوْضُوعَةٌ عِنْدَ اللَّهِ،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست