responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 124
أَيْضًا، وَظَهَرَتْ مَوْهِبَتُهُ إِيَّاهُ قَبْلَ ظُهُورِ مَوْهِبَةِ إِسْحَاقَ، وَكُلُّ ذَلِكَ بَعْدَ أَنِ اعْتَزَلَ قَوْمَهُ.
وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ دُونَ ذِكْرِ إِسْمَاعِيلَ فَلَمْ يَقُلْ: وَهَبَنَا لَهُ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا اعْتَزَلَ قَوْمَهُ خَرَجَ بِزَوْجِهِ سَارَةَ قَرِيبَتِهِ، فَهِيَ قَدِ اعْتَزَلَتْ قَوْمَهَا أَيْضًا إِرْضَاءً لِرَبِّهَا وَلِزَوْجِهَا، فَذَكَرَ اللَّهُ الْمَوْهِبَةَ الشَّامِلَةَ لِإِبْرَاهِيمَ وَلِزَوْجِهِ، وَهِيَ أَنْ وَهَبَ لَهُمَا إِسْحَاقَ وَبَعْدَهُ يَعْقُوبَ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْمَوْهِبَةَ لَمَّا كَانَتْ كِفَاءً لِإِبْرَاهِيمَ عَلَى مُفَارَقَتِهِ أَبَاهُ وَقَوْمَهُ كَانَتْ مَوْهِبَةَ مَنْ يُعَاشِرُ إِبْرَاهِيمَ وَيُؤْنِسُهُ وَهُمَا إِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ. أَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي مَكَّةَ لِيَكُونَ جَارَ بَيْتِ اللَّهِ. وَإِنَّهُ لَجِوَارٌ أَعْظَمُ مِنْ جِوَارِ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَبَاهُمَا.
وَقَدْ خُصَّ إِسْمَاعِيلُ بِالذِّكْرِ اسْتِقْلَالًا عَقِبَ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ [ص: 45] ثُمَّ قَالَ: وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ فِي سُورَةِ ص [48] ، وَقَدْ قَالَ فِي آيَةِ الصَّافَّاتِ [99- 101] وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ إِلَى أَنْ قَالَ: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ فَذُكِرَ هُنَالِكَ إِسْمَاعِيلُ عَقِبَ قَوْلِهِ: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ إِذْ هُوَ الْمُرَادُ بِالْغُلَامِ الْحَلِيمِ.
وَالْمُرَادُ بِالْهِبَةِ هُنَا: تَقْدِيرُ مَا فِي الْأَزَلِ عِنْدَ اللَّهِ لِأَنَّ ازْدِيَادَ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كَانَ بَعْدَ خُرُوجِ إِبْرَاهِيمَ بِمُدَّةٍ بَعْدَ أَنْ سَكَنَ أَرْضَ كَنْعَانَ وَبَعْدَ أَنِ اجْتَازَ بِمِصْرَ وَرَجَعَ مِنْهَا. وَكَذَلِكَ ازْدِيَادُ إِسْمَاعِيلَ كَانَ بَعْدَ خُرُوجِهِ بِمُدَّةٍ وَبَعْدَ أَنِ اجْتَازَ بِمِصْرَ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَفِي التَّوْرَاةِ، أَوْ أُرِيدَ حِكَايَةُ هِبَةِ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِيمَا مَضَى بِالنِّسْبَةِ إِلَى زَمَنِ نُزُولِ الْقُرْآنِ تَنْبِيهًا بِأَنَّ ذَلِكَ جَزَاؤُهُ عَلَى إِخْلَاصِهِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست