responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 123
اقْتَنَعُوا بِإِمْسَاكِهِ عَنْهُمْ، وَلِذَا بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ بِعَكْسِ ذَلِكَ يَدْعُو اللَّهَ الَّذِي لَا يَعْبُدُونَهُ.
وَعُبِّرَ عَنِ اللَّهِ بِوَصْفِ الرُّبُوبِيَّةِ الْمُضَافِ إِلَى ضَمِيرِ نَفْسِهِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى انْفِرَادِهِ مِنْ بَيْنِهِمْ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ رَبُّهُ وَحْدَهُ مِنْ بَيْنِهِمْ، فَالْإِضَافَةُ هُنَا تُفِيدُ مَعْنَى الْقَصْرِ الْإِضَافِيِّ، مَعَ مَا تَتَضَمَّنُهُ الْإِضَافَةُ مِنَ الِاعْتِزَازِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ إِيَّاهُ وَالتَّشْرِيفِ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ.
وَجُمْلَةُ عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ من ضمير وَأَدْعُوا أَيْ رَاجِيًا أَنْ لَا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا. وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا فِي هَذِهِ السُّورَةِ [4] . وَفِي إِعْلَانِهِ هَذَا الرَّجَاءَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ تَعْرِيضٌ بِأَنَّهُمْ أَشْقِيَاءُ بِدُعَاء آلِهَتهم.
[49، 50]

[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 49 إِلَى 50]
فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50)
طُوِيَ ذِكْرُ اعْتِزَالِهِ إِيَّاهُمْ بَعْدَ أَنْ ذُكِرَ عَزْمُهُ عَلَيْهِ إِيجَازًا فِي الْكَلَامِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَعْزِمُ أَمْرًا إِلَّا نَفَّذَ عَزْمَهُ، وَاكْتِفَاءً بِذِكْرِ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنْ جَعْلِ عَزْمِهِ حَدَثًا وَاقِعًا قَدْ حَصَلَ جَزَاؤُهُ عَلَيْهِ من ربّه، فَإِنَّهُ لَمَّا اعْتَزَلَ أَبَاهُ وَقَوْمَهُ وَاسْتَوْحَشَ بِذَلِكَ الْفِرَاقِ وَهَبَهُ اللَّهُ ذُرِّيَّة يأنس بهم إِذْ وَهَبَهُ إِسْحَاقَ ابْنَهُ، وَيَعْقُوبَ ابْنَ ابْنِهِ، وَجَعَلَهُمَا نبيئين. وحسبك بِهَذِهِ مَكْرُمَةً لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ.
وَلَيْسَ مُجَازَاةُ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ مَقْصُورَةً عَلَى أَنْ وَهَبَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، إِذْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَا يَقْتَضِي الِانْحِصَارُ، فَإِنَّهُ قَدْ وَهَبَهُ إِسْمَاعِيلَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست