responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 323
الْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ. وَذَلِكَ الْإِيمَاءُ هُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِثْبَاتُ أَنَّ الْيَهُودَ لَمْ يَكُونُوا عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ كَمَا عَلِمْتَ آنِفًا.
وَلَيْسَ مَعْنَى فِعْلِ اخْتَلَفُوا وُقُوعُ خِلَافٍ بَيْنِهِمْ بِأَمْرِ السَّبْتِ بَلْ فِعْلُ اخْتَلَفُوا مُرَادٌ بِهِ خَالَفُوا كَمَا
فِي قَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَاخْتِلَافِهِمْ أَنْبِيَائِهِمْ»
، أَيْ عَمَلِهِمْ خِلَافَ مَا أَمَرَ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُمْ. فَحَاصِلُ الْمَعْنَى هَكَذَا: مَا فُرِضَ السَّبْتُ عَلَى أَهْلِ السَّبْتِ إِلَّا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، إِذْ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَهُمْ أَنَّ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ لَيْسَ مِنْهَا حُرْمَةُ السَّبْتِ وَلَا هُوَ مِنْ شَرَائِعِهَا.
وَلَمْ يَقَعِ التَّعَرُّضُ لِلْيَوْمِ الْمُقَدَّسِ عِنْدَ النَّصَارَى لِعَدَمِ الدَّاعِي إِلَى ذَلِكَ حِينَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ كَمَا عَلِمْتَ.
وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ كَانَ الْيَوْمُ الْمُقَدَّسُ فِيهَا يَوْمَ الْجُمْعَةِ لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَالْكَافِي فِي نَفْيِ أَنْ يَكُونَ الْيَهُودُ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ يَوْمَ حُرْمَةِ السَّبْتِ لَمْ تَكُنْ مِنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ.
ثُمَّ الْأَظْهَرُ أَنَّ حُرْمَةَ يَوْمِ الْجُمْعَةِ ادُّخِرَتْ لِلْمِلَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ
لِقَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ إِلَيْهِ فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ» .
فَقَوْلُهُ: «فَهَدَانَا اللَّهُ إِلَيْهِ»
يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ ذَلِكَ فِي مِلَّةٍ أُخْرَى.
فَهَذَا وَجْهُ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَمَحْمَلُ الْفِعْلِ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ: اخْتَلَفُوا فِيهِ.
وَمَا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ مِنْ وُجُوهٍ لَا يَخْلُو مِنْ تَكَلُّفٍ وَعَدَمِ طَائِلٍ. وَقَدْ جَعَلُوا ضَمِيرَ فِيهِ عَائِدًا إِلَى السَّبْتُ. وَتَأَوَّلُوا مَعْنَى الِاخْتِلَافِ فِيهِ بِوُجُوهٍ. وَلَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ الْخَبَرِ وَبَيْنَ مَا تُوُهِّمَ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لَهُ عَلَى مَعْنَى جَعْلِ السَّبْتِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمُ اخْتلفُوا على نبيئهم مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- لِأَجْلِ السَّبْتِ، لِأَنَّ نَبِيَّهُمْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 323
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست