responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 322
بِإِبْطَالِ مَزَاعِمِ الْيَهُودِ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ أَكْثَرَ رَوَاجًا، لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا مُخَالِطِينَ الْعَرَبَ فِي بِلَادِهِمْ، فَأَهْلُ مَكَّةَ كَانُوا يَتَّصِلُونَ بِالْيَهُودِ فِي أَسْفَارِهِمْ وَأَسْوَاقِهِمْ بِخِلَافِ النَّصَارَى.
وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةً لَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهَا لِلنَّصَارَى الَّذِينَ تَعَرَّضَ لَهُمْ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ.
وَلِهَذَا تَكُونُ جُمْلَةُ إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا نَشَأَ عَنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً [سُورَة النَّحْل: 123] إِذْ يُثِيرُ سُؤَالًا مِنَ الْمُخَالِفِينَ: كَيْفَ يَكُونُ الْإِسْلَامُ مِنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ؟ وَفِيهِ جُعِلَ يَوْمُ الْجُمْعَةِ الْيَوْمَ الْمُقَدَّسَ. وَقَدْ جَعَلَتِ التَّوْرَاةُ لِلْيَهُودِ يَوْمَ التَّقْدِيسِ يَوْمَ السَّبْتِ. وَلَعَلَّ الْيَهُودَ شَغَبُوا بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ قَوْلُهُ:
إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ بَيَانًا لِجَوَابِ هَذَا السُّؤَالِ.
وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةً بَيْنَ جُمْلَةِ ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً [سُورَة النَّحْل: 123] وَجُمْلَةِ ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ [سُورَة النَّحْل:
125] إِلَخْ.
وَلِذَلِكَ افْتُتِحَتِ الْجُمْلَةُ بِأَدَاةِ الْحَصْرِ إِشْعَارًا بِأَنَّهَا لِقَلْبِ مَا ظَنَّهُ السَّائِلُونَ الْمُشَغِّبُونَ.
وَهَذَا أُسْلُوبٌ مَعْرُوفٌ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَجْوِبَةِ الْمُورَدَةِ لِرَدِّ رَأْيِ مَوْهُومٍ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: فِيهِ عَائِدٌ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَى تَقْدِيرٍ مُضَافٍ، أَيِ اخْتَلَفُوا فِي مِلَّتِهِ، وَلَيْسَ عَائِدًا عَلَى السَّبْتِ، إِذْ لَا طَائِلَ مِنَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ. وَالَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي إِبْرَاهِيمَ، أَيْ فِي مِلَّتِهِ هُمُ الْيَهُودُ لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ السَّبْتِ.
وَمَعْنَى جُعِلَ السَّبْتُ فُرِضَ وَعُيِّنَ عَلَيْهِمْ، أَيْ فُرِضَتْ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ السَّبْتِ: مِنْ تَحْرِيمِ الْعَمَلِ فِيهِ، وَتَحْرِيمِ اسْتِخْدَامِ الْخَدَمِ وَالدَّوَابِّ فِي يَوْمِ السَّبْتِ.
وَعَدَلَ عَنْ ذِكْرِ اسْمِ الْيَهُودِ أَوْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ كَوْنِهِ أَوْجَزَ إِلَى التَّعْبِيرِ عَنْهُمْ بِالْمَوْصُولِ لِأَنَّ اشْتِهَارَهُمْ بِالصِّلَةِ كَافٍ فِي تَعْرِيفِهِمْ مَعَ مَا فِي

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 322
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست