responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 28
وَافْتُتِحَ الْكَلَامُ بِلَامِ الْقَسَمِ وَحَرْفِ التَّحْقِيقِ تَنْزِيلًا لِلْمُخَاطَبِينَ الذَّاهِلِينَ عَنِ الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْمُتَرَدِّدِ فَأُكِّدَ لَهُمُ الْكَلَامُ بِمُؤَكِّدَيْنِ. وَمَرْجِعُ التَّأْكِيدِ إِلَى تَحْقِيقِ الِاسْتِدْلَالِ وَإِلَى الْإِلْجَاءِ إِلَى الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ.
وَالْبُرُوجُ: جَمْعُ بُرْجٍ- بِضَمِّ الْبَاءِ-. وَحَقِيقَتُهُ الْبِنَاءُ الْكَبِيرُ الْمُتَّخَذُ لِلسُّكْنَى أَوْ لِلتَّحَصُّنِ. وَهُوَ يُرَادِفُ الْقَصْرَ، قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [78] .
وَأُطْلِقَ الْبُرْجُ عَلَى بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ سَمْتِ طَائِفَةٍ مِنَ النُّجُومِ غَيْرِ السَّيَّارَةِ (وَتُسَمَّى النُّجُومُ الثَّوَابِتُ) مُتَجَمِّعٌ بَعْضُهَا بِقُرْبِ بَعْضٍ عَلَى أَبْعَادٍ بَيْنَهَا لَا تَتَغَيَّرُ فِيمَا يُشَاهَدُ مِنَ الْجَوِّ، فَتِلْكَ الطَّائِفَةُ تَكُونُ بِشَكْلٍ وَاحِدٍ يُشَابِهُ نُقَطًا لَوْ خُطِّطَتْ بَيْنَهَا خُطُوطٌ لَخَرَجَ مِنْهَا شِبْهُ صُورَةِ حَيَوَانٍ أَوْ آلَةٍ سَمَّوْا بِاسْمِهَا تِلْكَ النُّجُومَ الْمُشَابِهَةَ لِهَيْئَتِهَا وَهِيَ وَاقِعَةٌ فِي خَطِّ سَيْرِ الشَّمْسِ.
وَقَدْ سَمَّاهَا الْأَقْدَمُونَ مِنْ عُلَمَاءِ التَّوْقِيتِ بِمَا يُرَادِفُ مَعْنَى الدَّارِ أَوِ الْمَكَانِ. وَسَمَّاهَا الْعَرَبُ بُرُوجًا وَدَارَاتٍ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ الْمَجْعُولَةِ سَبَبًا لِوَضْعِ الِاسْمِ تَخَيَّلُوا أَنَّهَا مَنَازِلُ لِلشَّمْسِ لِأَنَّهُمْ وَقَّتُوا بِجِهَتِهَا سَمْتَ مَوْقِعِ الشَّمْسِ مِنْ قُبَّةِ الْجَوِّ نَهَارًا فِيمَا يُخَيَّلُ لِلنَّاظِرِ أَنَّ الشَّمْسَ تَسِيرُ فِي شِبْهِ قَوْسِ الدَّائِرَةِ. وَجَعَلُوهَا اثْنَيْ عَشَرَ مَكَانًا بِعَدَدِ شُهُورِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ وَمَا هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا سُمُوتٌ لِجِهَاتٍ تُقَابِلُ كُلُّ جِهَةٍ مِنْهَا الْأَرْضَ مِنْ جِهَةٍ وَرَاءَ الشَّمْسِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً. ثُمَّ إِذَا انْتَقَلَ مَوْقِعُ الْأَرْضِ مِنْ مَدَارِهَا كُلَّ شَهْرٍ مِنَ السَّنَةِ تَتَغَيَّرُ الْجِهَةُ الْمُقَابِلَةُ لَهَا. فَبِمَا كَانَ لَهَا مِنَ النِّظَامِ تَسَنَّى أَنْ تُجْعَلَ عَلَامَاتٍ لِمَوَاقِيتِ حُلُولِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ وَحُلُولِ الْأَشْهُرِ الِاثْنَيْ عَشْرَ، فَهُمْ ضَبَطُوا لِتِلْكَ الْعَلَامَاتِ حُدُودًا وَهْمِيَّةً عَيَّنُوا مَكَانَهَا فِي اللَّيْلِ مِنْ جِهَةِ مَوْقِعِ الشَّمْسِ فِي النَّهَارِ وَأَعَادُوا رَصْدَهَا يَوْمًا فَيَوْمًا، وَكُلَّمَا
مَضَتْ مُدَّةُ شَهْرٍ مِنَ السَّنَةِ ضَبَطُوا لِلشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ عَلَامَاتٍ فِي الْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ لِمَوْقِعِ الشَّمْسِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ. وَهَكَذَا، حَتَّى رَأَوْا بَعْدَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا أَنَّهُمْ قَدْ رَجَعُوا إِلَى

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 28
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست