responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 254
وَخُصَّ بِالذِّكْرِ الْهُدَى وَالرَّحْمَةُ وَالْبُشْرَى لِأَهَمِّيَّتِهَا فَالْهُدَى مَا يَرْجِعُ مِنَ التِّبْيَانِ إِلَى تَقْوِيمِ الْعَقَائِدِ وَالْأَفْهَامِ وَالْإِنْقَاذِ مِنَ الضَّلَالِ. وَالرَّحْمَةُ مَا يَرْجِعُ مِنْهُ إِلَى سَعَادَةِ الْحَيَاتَيْنِ الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى، وَالْبُشْرَى مَا فِيهِ مِنَ الْوَعْدِ بِالْحُسْنَيَيْنِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ.
وَكُلُّ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ غَيْرَهُمْ لَمَّا أَعْرَضُوا عَنْهُ حَرَمُوا أَنْفُسَهُمُ الِانْتِفَاعَ بِخَوَاصِّهِ كُلِّهَا.
فَاللَّامُ فِي لِكُلِّ شَيْءٍ مُتَعَلِّقٌ بِالتِّبْيَانِ، وَهِيَ لَامُ التَّقْوِيَةِ، لِأَنَّ «كُلَّ شَيْءٍ» فِي مَعْنَى الْمَفْعُولِ بِهِ لِ تِبْياناً. وَاللَّامُ فِي لِلْمُسْلِمِينَ لَام العلّة يتنازع تعلّقها «تبيان وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى» وَهَذَا هُوَ الْوَجْه.
[90]

[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 90]
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)
لَمَّا جَاءَ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ تِبْيَانٌ لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ حَسُنَ التَّخَلُّصُ إِلَى تِبْيَانِ أَصُولِ الْهُدَى فِي التَّشْرِيعِ لِلدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ الْعَائِدَةِ إِلَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، إِذِ الشَّرِيعَةُ كُلُّهَا أَمْرٌ وَنَهْيٌ، وَالتَّقْوَى مُنْحَصِرَةٌ فِي الِامْتِثَالِ وَالِاجْتِنَابِ، فَهَذِهِ الْآيَةُ اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ كَوْنِ الْكِتَابِ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ، فَهِيَ جَامِعَةٌ أُصُولَ التَّشْرِيعِ.
وَافْتِتَاحُ الْجُمْلَةِ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ لِلِاهْتِمَامِ بِشَأْنِ مَا حوته. وتصديرهما بِاسْمِ الْجَلَالَةِ لِلتَّشْرِيفِ، وَذَكَرَ يَأْمُرُ وَيَنْهى دُونَ أَنْ يُقَالَ: اعْدِلُوا وَاجْتَنِبُوا الْفَحْشَاءَ، لِلتَّشْوِيقِ.
وَنَظِيرُهُ مَا
فِي الْحَدِيثِ «إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا»
الْحَدِيثَ.
وَالْعَدْلُ: إِعْطَاءُ الْحَقِّ إِلَى صَاحِبِهِ. وَهُوَ الْأَصْلُ الْجَامِعُ لِلْحُقُوقِ الرَّاجِعَةِ إِلَى الضَّرُورِيِّ وَالْحَاجِيِّ مِنَ الْحُقُوقِ الذَّاتِيَّةِ وَحُقُوقِ الْمُعَامَلَاتِ، إِذِ الْمُسْلِمُ مَأْمُورٌ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست