responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 243
دِينِ الشِّرْكِ ثمَّ ركبُوا رؤوسهم وَصَمَّمُوا عَلَى الشِّرْكِ.
وَلِهَذَا عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْإِنْكَارِ الْمُقَابِلِ لِلْإِقْرَارِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ فَظَاهِرُ كَلِمَةِ «أَكْثَرُ» وَكَلِمَةِ الْكافِرُونَ أَنَّ الَّذِينَ وُصِفُوا بِأَنَّهُمُ الْكَافِرُونَ هُمْ غَالِبُ الْمُشْرِكِينَ لَا جَمِيعُهُمْ، فَيُحْمَلُ الْمُرَادُ بِالْغَالِبِ عَلَى دَهْمَاءِ الْمُشْرِكِينَ. فَإِنَّ مُعْظَمَهُمْ بُسَطَاءُ الْعُقُولِ بُعَدَاءُ عَنِ النَّظَرِ فَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ تَقْتَضِي إِفْرَادَهُ بِالْعِبَادَةِ. فَكَانَ إِشْرَاكَهُمْ رَاسِخًا، بِخِلَافِ عُقَلَائِهِمْ وَأَهْلِ النَّظَرِ فَإِنَّ لَهُمْ تَرَدُّدًا فِي نُفُوسِهِمْ وَلَكِنْ يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ حُبُّ السِّيَادَةِ فِي قَوْمِهِمْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِيهِمْ: وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ [103] . وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [سُورَة الْأَنْعَام: 33] .
[84]

[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 84]
وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84)
الْوَاوُ عَاطِفَةٌ جُمْلَةَ يَوْمَ نَبْعَثُ إِلَخْ عَلَى جُمْلَةِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ [سُورَة النَّحْل: 82] بِتَقْدِيرِ: وَاذْكُرْ يَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا. فَالتَّذْكِيرُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْبَلَاغِ الْمُبِينِ. وَالْمَعْنَى: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ، وَسَنُجَازِي يَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهَا. ذَلِكَ أَنَّ وَصْفَ شَهِيدٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَعَلَى الْكَافِرِينَ، أَيْ شَهِيدٌ لِأَنَّهُ بَلَّغَهُمْ رِسَالَةَ اللَّهِ.
وَبَعْثُ شَهِيدٍ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ يُفِيدُ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ الْكَافِرِينَ كَمَا سَيَجِيءُ عَقِبَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ [سُورَة النِّسَاء: 41] ، وَبِذَلِكَ انْتَظَمَ أَمْرُ الْعَطْفِ وَالتَّخَلُّصِ إِلَى وَصْفِ يَوْمِ الْحِسَابِ وَإِلَى التَّنْوِيهِ بِشَأْنِهِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست