responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 220
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ، فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [58] . وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ [سُورَة النَّحْل: 32] وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا.
فَالطَّيِّبَاتُ هُنَا الْأَرْزَاقُ الواسعة المحبوبة للنَّاس كَمَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ فِي سُورَةِ
آلِ عِمْرَانَ أَوِ الْمَطْعُومَاتُ وَالْمَشْرُوبَاتُ اللَّذِيذَةُ الصَّالِحَةُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الطَّيِّبَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ [5] ، وَذُكِرَ الطَّيِّبُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [168] .
وَفُرِّعَ عَلَى هَذِهِ الْحُجَّةِ وَالْمِنَّةِ اسْتِفْهَامُ تَوْبِيخٍ عَلَى إِيمَانِهِمْ بِالْبَاطِلِ الْبَيِّنِ، فَتَفْرِيعُ التَّوْبِيخِ عَلَيْهِ وَاضِحُ الِاتِّجَاهِ.
وَالْبَاطِلُ: ضِدُّ الْحَقِّ لِأَنَّ مَا لَا يَخْلُقُ لَا يُعْبَدُ بِحَقٍّ. وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ فِي قَوْله تَعَالَى: أَفَبِالْباطِلِ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِالتَّعْرِيفِ بِبَاطِلِهِمْ.
وَالِالْتِفَاتُ عَنِ الْخِطَابِ السَّابِق إِلَى الْغَيْبَة فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَبِالْباطِلِ يَجْرِي الْكَلَامُ فِيهِ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [سُورَة النَّحْل:
71] .
وَقَوله تَعَالَى: وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ التَّوْبِيخِ، وَهُوَ تَوْبِيخٌ مُتَوَجِّهٌ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً إِلَى قَوْلِهِ:
وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ مِنْ الِامْتِنَانِ بِذَلِكَ الْخَلْقِ وَالرِّزْقِ بَعْدَ كَوْنِهِمَا دَلِيلًا عَلَى انْفِرَادِ اللَّهِ بِالْإِلَهِيَّةِ.
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ فِي قَوْله تَعَالَى: بِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ عَلَى عَامِلِهِ لِلِاهْتِمَامِ.
وَضَمِيرُ الْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: هُمْ يَكْفُرُونَ ضَمِيرُ فَصْلٍ لِتَأْكِيدِ الْحُكْمِ بِكُفْرَانِهِمُ النِّعْمَةَ لِأَنَّ كُفْرَانَ النِّعْمَةِ أَخْفَى مِنَ الْإِيمَانِ بِالْبَاطِلِ، لِأَنَّ الْكُفْرَانَ يَتَعَلَّقُ بِحَالَاتِ الْقَلْبِ، فَاجْتمع فِي هَذِه الْجُمْلَةِ تَأْكِيدَانِ: التَّأْكِيدُ الَّذِي أَفَادَهُ التَّقْدِيمُ، وَالتَّأْكِيدُ الَّذِي أَفَادَهُ ضَمِيرُ الْفَصْلِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست