responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 219
وَهِيَ كَوْنُ أَبْنَائِهِ مِنْ زَوْجِهِ ثُمَّ كَوْنُ أَبْنَاءِ أَبْنَائِهِ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، فَانْضَبَطَتْ سِلْسِلَةُ الْأَنْسَابِ بِهَذَا النِّظَامِ الْمُحْكَمِ الْبَدِيعِ.
وَغَيْرُ الْإِنْسَانِ مِنَ الْحَيَوَانِ لَا يَشْعُرُ بِحَفَدَتِهِ أَصْلًا- لَا يَشْعُرُ بِالْبُنُوَّةِ إِلَّا أُنْثَى الْحَيَوَانِ مُدَّةً قَلِيلَةً قَرِيبَةً مِنَ الْإِرْضَاعِ. وَالْحَفَدَةُ لِلْإِنْسَانِ زِيَادَةٌ فِي مَسَرَّةِ الْعَائِلَةِ، قَالَ تَعَالَى: فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ [سُورَة هود: 71] . وَقَدْ عَمِلَتْ مِنْ الِابْتِدَائِيَّةُ فِي حَفَدَةً بِوَاسِطَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ يَكُونُ مُبَاشَرَةً وَبِوَاسِطَةٍ.
وَجُمْلَةُ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمَا بَعْدَهَا، لِمُنَاسَبَةِ مَا فِي الْجُمَلِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا مِنْ تَضَمُّنِ الْمِنَّةِ بِنِعْمَةِ أَفْرَادِ الْعَائِلَةِ، فَإِن من مكمّلاتها سَعَة الرِّزْقِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي آلِ عِمْرَانَ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ [سُورَة النَّحْل: 14] الْآيَةَ. وَقَالَ طَرَفَةُ:
فَأَصْبَحْتُ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ وَطَافَ بِي ... بَنُونَ كِرَامٌ سَادَةٌ لِمَسُودِ
فَالْمَالُ وَالْعَائِلَةُ لَا يروق أَحدهَا بِدُونِ الْآخَرِ.
ثُمَّ الرِّزْقُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا مِنْهُ الْمَالُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ قَارُونَ:
وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ [سُورَة الْقَصَص: 82] . وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ إِعْطَاءَ الْمَأْكُولَاتِ الطَّيِّبَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً [سُورَة آل عمرَان: 37] .
ومِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ.
والطَّيِّباتِ: صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ فِعْلُ رَزَقَكُمْ، أَيِ الْأَرْزَاقَ الطَّيِّبَاتِ.
وَالتَّأْنِيثُ لِأَجْلِ الْجَمْعِ. وَالطَّيِّبُ: فَيْعِلُ صِفَةُ مُبَالَغَةٍ فِي الْوَصْفِ بِالطَّيِّبِ. وَالطَّيِّبُ: أَصْلُهُ النَّزَاهَةُ وَحُسْنُ الرَّائِحَةِ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْمُلَائِمِ الْخَالِصِ مِنَ النَّكَدِ، قَالَ تَعَالَى: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً [سُورَة النَّحْل: 97] . وَاسْتُعْمِلَ فِي الصَّالِحِ مِنْ نَوْعِهِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست