responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 13  صفحه : 221
هُوَ الْقِيَاسُ، وَقَدْ أَثْبَتَهُ سَنَدُ قِرَاءَةِ حَمْزَةَ. وَقَدْ تَحَامَلَ عَلَيْهِ الزَّجَّاجُ وَتَبِعَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَسَبَقَهُمَا فِي ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْأَخْفَشُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ النَّحَّاسِ وَلَمْ يَطَّلِعِ الزَّجَّاجُ وَالزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى نِسْبَةِ ذَلِكَ الْبَيْتِ لِلْأَغْلَبِ الْعجلِيّ.
وَالَّذِي يظْهر لِي أَنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ قَرَأَ بِهَا بَنُو يَرْبُوعٍ مِنْ تَمِيمٍ، وَبَنُو عِجْلِ بْنِ لُجَيْمٍ مِنْ بَكْرِ بن وَائِل، فقرأوا بِلَهْجَتِهِمْ أَخْذًا بِالرُّخْصَةِ للقبائل أَن يقرأوا الْقُرْآنَ بِلَهَجَاتِهِمْ وَهِيَ الرُّخْصَةُ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا
قَوْلُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَة أحرف فاقرأوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ»
كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ السَّادِسَةِ مِنْ مُقَدِّمَاتِ هَذَا التَّفْسِيرِ، ثُمَّ نُسِخَتْ تِلْكَ الرُّخْصَةُ بِقِرَاءَةِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَعْوَامِ الْأَخِيرَةِ مِنْ حَيَاتِهِ الْمُبَارَكَةِ وَلم يثبت مِمَّا يَنْسَخُهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى قَبُولِ كُلِّ قِرَاءَةٍ صَحَّ سَنَدُهَا وَوَافَقَتْ وَجْهًا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ تُخَالِفْ رَسْمَ الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ. وَهَذِهِ الشُّرُوطُ مُتَوَفِّرَةٌ فِي قِرَاءَةِ حَمْزَةَ هَذِهِ كَمَا عَلِمْتَ آنِفًا فَقُصَارَى أَمْرِهَا أَنَّهَا تَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مَا يَنْطِقُ بِهِ أَحَدُ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ على لُغَة بعض قَبَائِلِهَا بِحَيْثُ لَو قرىء بِهَا فِي الصَّلَاةِ لَصَحَّتْ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.
وَجُمْلَةُ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ اسْتِئْنَافُ تَنَصُّلٍ آخَرَ مِنْ تَبِعَاتِ عِبَادَتِهِمْ إِيَّاهُ قُصِدَ مِنْهُ دَفْعُ زِيَادَةِ الْعَذَابِ عَنْهُ بِإِظْهَارِ الْخُضُوعِ لِلَّهِ تَعَالَى. وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: كَفَرْتُ
شدَّة التبري مِنْ إِشْرَاكِهِمْ إِيَّاهُ فِي الْعِبَادَةِ فَإِنْ أَرَادَ مِنْ مُضِيِّ كَفَرْتُ مُضِيَّ الْأَزْمِنَةِ كُلِّهَا، أَيْ كُنْتُ غَيْرَ رَاضٍ بِإِشْرَاكِكُمْ إِيَّايَ فَهُوَ كَذِبٌ مِنْهُ أَظْهَرَ بِهِ التَّذَلُّلَ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ مِنَ الْمُضِيِّ إِنْشَاءَ عَدَمِ الرِّضَى بِإِشْرَاكِهِمْ إِيَّاهُ فَهُوَ نَدَامَةٌ بِمَنْزِلَةِ التَّوْبَةِ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ مَتَابٌ.
ومِنْ قَبْلُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِ أَشْرَكْتُمُونِ.
وَالْإِشْرَاكُ الَّذِي كَفَرَ بِهِ إِشْرَاكُهُمْ إِيَّاهُ فِي الْعِبَادَةِ بِأَنْ عَبَدُوهُ مَعَ اللَّهِ لِأَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَنْ يَعْبُدُونَ الشَّيَاطِينَ وَالْجِنَّ، فَهَؤُلَاءِ يَعْبُدُونَ جِنْسَ الشَّيْطَانِ مُبَاشَرَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ فَهُمْ يَعْبُدُونَ الشَّيَاطِينَ بِوَاسِطَةِ عِبَادَةِ آلِهَتِهِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 13  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست