responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 13  صفحه : 220
وَمَجْمُوعُ الْجُمْلَتَيْنِ يُفِيدُ مَعْنَى الْقَصْرِ، كَأَنَّهُ قَالَ: فَلَا تَلُومُوا إِلَّا أَنْفُسَكُمْ، وَهُوَ فِي مَعْنَى قَصْرِ قَلْبٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى إِفْرَادِهِ بِاللَّوْمِ وَحَقُّهُمُ التَّشْرِيكُ فَقَلْبُ اعْتِقَادِهِمْ إِفْرَادُهُ دُونَ اعْتِبَارِ الشِّرْكَةِ، وَهَذَا مِنْ نَادِرِ مَعَانِي الْقَصْرِ الْإِضَافِيِّ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ أَجْدَرِ الطَّرَفَيْنِ بِالرَّدِّ، وَهُوَ طَرَفُ اعْتِقَادِ الْعَكْسِ بِحَيْثُ صَارَ التَّشْرِيكُ كَالْمُلْغَى لِأَنَّ الْحَظَّ الْأَوْفَرَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ.
وَجُمْلَةُ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ، بَيَانٌ لِجُمْلَةِ النَّهْيِ عَن لومه لِأَنَّ لَوْمَهُ فِيهِ تَعْرِيضٌ بِأَنَّهُمْ يَتَطَلَّبُونَ مِنْهُ حِيلَةً لِنَجَاتِهِمْ، فَنَفَى ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ نَهَاهُمْ عَنْ أَنْ يَلُومُوهُ.
وَالْإِصْرَاخُ: الْإِغَاثَةُ، اشْتُقَّ مِنَ الصُّرَاخِ لِأَنَّ الْمُسْتَغِيثَ يَصْرُخُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ، فَقِيلَ:
أَصْرَخَهُ، إِذَا أَجَابَ صُرَاخَهُ، كَمَا قَالُوا: أَعْتَبَهُ، إِذَا قَبِلَ اسْتِعْتَابَهُ. وَأَمَّا عَطْفُ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ اسْتِقْصَاءُ عَدَمِ غَنَاءِ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِمُصْرِخِيَّ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً. وَأَصْلُهُ بِمُصْرِخِيِيَ بِيَاءَيْنِ أُولَاهُمَا يَاءُ جَمْعِ الْمُذكر الْمَجْرُور، وثانيتهما يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ، وَحَقُّهَا السُّكُونُ فَلَمَّا الْتَقَتِ الْيَاءَانِ سَاكِنَتَيْنِ وَقَعَ التَّخَلُّصُ مِنَ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ بِالْفَتْحَةِ لِخِفَّةِ الْفَتْحَةِ.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ «بِمُصْرِخِيَّ» - بِكَسْرِ الْيَاءِ- تَخَلُّصًا مِنَ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ بالكسرة لِأَن الْكسر هُوَ أَصْلُ التَّخَلُّصِ مِنَ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: تَحْرِيكُ الْيَاءِ بِالْكَسْرِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي التَّخَلُّصِ مِنَ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، إِلَّا أَنَّ كَسْرَ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ فِي مِثْلِهِ نَادِرٌ. وَأَنْشَدَ فِي تَنْظِيرِ هَذَا التَّخَلُّصِ بِالْكَسْرِ قَوْلُ الْأَغْلَبِ الْعِجْلِيِّ:
قَالَ لَهَا هَلْ لَكِ يَا تَا فِيِّ ... قَالَتْ لَهُ: مَا أَنْتَ بِالْمُرْضِيِّ
أَرَادَ هَلْ لَكِ فِي يَا هَذِهِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ: زَعَمَ قُطْرُبٌ إِنَّهَا لُغَةُ بَنِي يَرْبُوعٍ. وَعَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَنَّهُ أَجَازَ الْكَسْرَ. وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ التَّخَلُّصَ بِالْفَتْحَةِ فِي مِثْلِهِ أَشْهَرُ مِنَ التَّخَلُّصِ بِالْكَسْرَةِ وَإِنْ كَانَ التَّخَلُّصُ بِالْكَسْرَةِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 13  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست