responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 485
فَيَعْرِفُونَ فَضْلَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِتَيْسِيرِ الْأَمْنِ بَعْدَ الْخَوْفِ، وَالْهُدْنَةِ بَعْدَ الْقِتَالِ، فَيَزْدَادُوا يَقِينًا إِلَى يَقِينِهِمْ. وَقِيلَ: السَّكِينَةُ إِشَارَةٌ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم من الشَّرَائِعِ، لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا بِهَا إِلَى إِيمَانِهِمْ، وَهُوَ التَّوْحِيدُ رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: الْوَقَارُ وَالْعَظَمَةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ.
وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ لِيَتَرَاحَمُوا، وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: إِشَارَةٌ إِلَى تَسْلِيمِ الْأَشْيَاءِ إِلَيْهِ تَعَالَى، يَنْصُرُ مَنْ شَاءَ، وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ شَاءَ، وَمِنْ جُنْدِهِ السَّكِينَةُ ثَبَّتَتْ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ. لِيُدْخِلَ: هَذِهِ اللَّامُ تَتَعَلَّقُ، قِيلَ: بإنا فَتَحْنَا لَكَ. وَقِيلَ: بِقَوْلِهِ:
لِيَزْدادُوا. فَإِنْ قِيلَ: وَيُعَذِّبَ عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَالِازْدِيَادُ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِتَعْذِيبِ الْكُفَّارِ، أُجِيبَ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ ذُكِرَ لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا لِلْمُؤْمِنِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: بِسَبَبِ ازْدِيَادِكُمْ فِي الْإِيمَانِ يُدْخِلُكُمُ الْجَنَّةَ وَيُعَذِّبُ الْكُفَّارَ بِأَيْدِيكُمْ فِي الدُّنْيَا. وَقِيلَ: بِقَوْلِهِ: وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ: أَيْ بِالْمُؤْمِنِينَ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ فِيهَا بُعْدٌ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، يُسَلِّطُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، كَمَا يَقْتَضِيهِ عِلْمُهُ وَحِكْمَتُهُ. وَمِنْ قَضَيَّتِهِ أَنْ صَلَحَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ بِصُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَإِنْ وَعَدَهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ، وَإِنَّمَا قَضَى ذَلِكَ لِيَعْرِفَ الْمُؤْمِنُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ فِيهِ وَيَشْكُرُونَ، فَيَسْتَحِقُّوا الثَّوَابَ، فَيُثِيبَهُمْ، وَيُعَذِّبَ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، لِمَا غَاظَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَكَرِهُوهُ. انْتَهَى. وَلَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ هَذَا مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ اللَّامُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. كَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يَبْتَلِي بِتِلْكَ الْجُنُودِ مَنْ شَاءَ، فَيَقْبَلُ الْخَيْرَ مَنْ قَضَى لَهُ بِالْخَيْرِ، وَالشَّرَّ مَنْ قَضَى لَهُ بِالشَّرِّ. لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ جَنَّاتٍ، وَيُعَذِّبَ الْكُفَّارَ. فَاللَّامُ تَتَعَلَّقُ بِيَبْتَلِي هَذِهِ، وَمَا تَعَلَّقَ بِالِابْتِلَاءِ مِنْ قَبُولِ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ. وَيُكَفِّرَ: مَعْطُوفٌ عَلَى لِيُدْخِلَ، وَهُوَ تَرْتِيبٌ فِي الذِّكْرِ لَا تَرْتِيبٌ فِي الْوُقُوعِ. وَكَانَ التَّبْشِيرُ بدخول الجنة أهم، فبدىء بِهِ. وَلَمَّا كَانَ الْمُنَافِقُونَ أَكْثَرَ ضَرَرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ من المشركين، بدىء بِذِكْرِهِمْ فِي التَّعْذِيبِ.
الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَصْدَرٌ أُضِيفَ إِلَى مَا يَسُوءُ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ يَسْتَأْصِلُونَهُمْ وَلَا يُنْصَرُونَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ: عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ، وبَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً [1] . وَقِيلَ: ظَنَّ السَّوْءِ: مَا يَسُوءُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ إِيصَالِ الْهُمُومِ إِلَيْهِمْ، بِسَبَبِ عُلُوِّ كَلِمَةِ اللَّهِ، وَتَسْلِيطِ رَسُولِهِ قَتْلًا وَأَسْرًا وَنَهْبًا.
ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَسْتَعْلِي عَلَيْهِمُ السَّوْءُ وَيُحِيطُ بِهِمْ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا حَقِيقَةً، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ دُعَاءً عَلَيْهِمْ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي سُورَةِ براءة. وقيل:

[1] سورة الفتح: 48/ 12.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 485
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست