responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 484
تَدْخُلَهَا أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ مِنْ قَابِلَ، لِيَطُوفُوا بِالْبَيْتِ مِنَ الْفُتَاحَةِ، وَهِيَ الْحُكُومَةُ، وَكَذَا عَنْ قَتَادَةَ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ جُعِلَ فَتْحُ مَكَّةَ عِلَّةً لِلْمَغْفِرَةِ؟ قُلْتُ: لَمْ يُجْعَلْ عِلَّةً لِلْمَغْفِرَةِ، وَلَكِنْ لِاجْتِمَاعِ مَا عَدَّدَ مِنَ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ: الْمَغْفِرَةُ، وَإِتْمَامُ النِّعْمَةِ، وَهِدَايَةُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالنَّصْرُ الْعَزِيزُ كَأَنَّهُ قِيلَ: يَسَّرْنَا لَكَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَنَصَرْنَاكَ عَلَى عَدُوِّكَ، لِنَجْمَعَ لَكَ بَيْنَ عِزِّ الدَّارَيْنِ وَأَغْرَاضِ الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَتْحُ مَكَّةَ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ جِهَادٌ لِلْعَدُوِّ، وَسَبَبٌ لِلْغُفْرَانِ وَالثَّوَابِ وَالْفَتْحِ وَالظَّفَرِ بِالْبَلَدِ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا، بِحَرْبٍ أَوْ بِغَيْرِ حَرْبٍ، لِأَنَّهُ مُنْغَلِقٌ مَا لَمْ يَظْفَرْ، فَإِذَا ظَفِرَ بِهِ وَحَصَلَ فِي الْيَدِ فَقَدْ فَتَحَ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الْمُرَادُ هُنَا: أَنَّ اللَّهَ فَتَحَ لَكَ لِكَيْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَلَامَةً لغفرانه لك، فكأنها لام صَيْرُورَةً، وَلِهَذَا
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةً هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا» .
انْتَهَى.
وَرُدَّ بِأَنَّ لَامَ الْقَسَمِ لَا تُكْسَرُ وَلَا يُنْصَبُ بها، ولو جاز هذا بِحَالٍ لَجَازَ: لِيَقُومَ زَيْدٌ، فِي مَعْنَى:
لَيَقُومَنَّ زَيْدٌ. انْتَهَى. أَمَّا الْكَسْرُ، فَقَدْ عُلِّلَ بِأَنَّهُ شُبِّهَتْ تَشْبِيهًا بِلَامِ كَيْ، وَأَمَّا النَّصْبُ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ هَذَا نَصْبًا، لَكِنَّهَا الْحَرَكَةُ الَّتِي تَكُونُ مَعَ وُجُودِ النُّونِ، بَقِيَتْ بَعْدَ حَذْفِهَا دَلَالَةً عَلَى الْحَذْفِ، وَبَعْدَ هَذَا، فَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، إِذْ لَا يُحْفَظُ مِنْ لِسَانِهِمْ: وَاللَّهِ لِيَقُومَ، وَلَا بِاللَّهِ لِيَخْرُجَ زَيْدٌ، بِكَسْرِ اللَّامِ وَحَذْفِ النُّونِ، وَبَقَاءِ الْفِعْلِ مَفْتُوحًا. وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ، بِإِظْهَارِكَ عَلَى عَدُوِّكَ وَرِضَاهُ عَنْكَ، وَبِفَتْحِ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَخَيْبَرَ نَصْراً عَزِيزاً، أَيْ بِالظَّفَرِ وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الْأَعْدَاءِ بِالْغَنِيمَةِ وَالْأَسْرِ وَالْقَتْلِ نَصْرًا فِيهِ عِزٌّ وَمَنَعَةٌ. وَأُسْنِدَتِ الْعِزَّةُ إِلَيْهِ مَجَازًا، وَالْعَزِيزُ حَقِيقَةً هُوَ الْمَنْصُورُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأُعِيدَ لَفْظُ اللَّهِ فِي: وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً، لَمَّا بَعُدَ عَنْ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ، إِذْ فِي الْجُمْلَتَيْنِ قَبْلَهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى اللَّهِ، وَلِيَكُونَ الْمَبْدَأُ مُسْنَدًا إِلَى الِاسْمِ الظَّاهِرِ وَالْمُنْتَهَى كَذَلِكَ. وَلَمَّا كَانَ الْغُفْرَانُ وَإِتْمَامُ النِّعْمَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالنَّصْرِ يَشْتَرِكُ فِي إِطْلَاقِهَا الرسول صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَغَيْرُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ [1] ، وَقَوْلِهِ: إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ [2] وَكَانَ الْفَتْحُ لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَسْنَدَهُ تَعَالَى إِلَى نُونِ الْعَظَمَةِ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَسْنَدَ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ الْأَرْبَعَةَ إِلَى الِاسْمِ الظَّاهِرِ، وَاشْتَرَكَتِ الْخَمْسَةُ فِي الْخِطَابِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَأْنِيسًا لَهُ وَتَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ. وَلَمْ يَأْتِ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ، لِأَنَّ فِي الْإِقْبَالِ عَلَى الْمُخَاطَبِ مَا لَا يَكُونُ فِي الِاسْمِ الظَّاهِرِ.
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ: وَهِيَ الطُّمَأْنِينَةُ وَالسُّكُونُ قِيلَ: بِسَبَبِ الصلح والأمن،

[1] سورة النساء: 4/ 48.
[2] سورة الصافات: 37/ 172.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 484
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست