responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 32
الْإِثَابَةِ. انْتَهَى. وَأُجُورُهُمْ هِيَ الَّتِي رَتَّبَهَا تَعَالَى عَلَى أَعْمَالِهِمْ، وَزِيَادَتُهُ مِنْ فَضْلِهِ. قَالَ أَبُو وَائِلٍ: بِتَشْفِيعِهِمْ فِيمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِمْ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: بِتَفْسِيحِ الْقُلُوبِ،
وَفِي الْحَدِيثِ: «بِتَضْعِيفِ حَسَنَاتِهِمْ» .
وَقِيلَ: بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِهِ. وَالْكِتَابُ: هُوَ الْقُرْآنُ، وَمِنْ: لِلتَّبْيِينِ أَوِ الْجِنْسِ أَوِ التَّبْعِيضِ، تخريجات للزمخشري. ومُصَدِّقاً: حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ: التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى كَوْنِهِ وَحْيًا، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنِ قَارِئًا كَاتِبًا، وَأَتَى بِبَيَانِ مَا فِي كُتُبِ اللَّهِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا مِنَ اللَّهُ تَعَالَى.
إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ: عَالِمٌ بِدَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ وَبَوَاطِنِهَا، بَصِيرٌ بِمَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَحَيْثُ أَهَّلَكَ لِوَحْيِهِ، وَاخْتَارَكَ بِرِسَالَتِهِ وَكِتَابِهِ، اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ.
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ، وَثُمَّ قِيلَ: بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَقِيلَ: لِلْمُهْلَةِ، إِمَّا فِي الزَّمَانِ، وَإِمَّا فِي الْإِخْبَارِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. وَالْكِتَابُ فِيهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَعْنَى: أَنْزَلْنَا الْكُتُبَ الْإِلَهِيَّةَ، وَالْكِتَابُ عَلَى هَذَا اسْمُ جِنْسٍ. وَالْمُصْطَفَوْنَ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ أَنَّ الْمَعْنَى:
الْأَنْبِيَاءُ وَأَتْبَاعُهُمْ، قَالَهُ الْحَسَنُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ هَذِهِ الْأُمَّةُ، أُورِثَتْ أمة محمد صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلَّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أَوْرَثَهُمُ الْإِيمَانَ، فَالْكُتُبُ تَأْمُرُ بِاتِّبَاعِ الْقُرْآنِ، فَهُمْ مُؤْمِنُونَ بِهَا عَامِلُونَ بِمُقْتَضَاهَا، يَدُلُّ عَلَيْهِ: وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ كَانَ مَعْنَى الْمِيرَاثِ:
انْتِقَالَ شَيْءٍ مِنْ قَوْمٍ إِلَى قَوْمٍ، وَلَمْ تَكُنْ أُمَّةٌ انْتَقَلَ إِلَيْهَا كِتَابٌ مِنْ قَوْمٍ كَانُوا قَبْلَهُمْ غَيْرَ أُمَّتِهِ.
فَإِذَا قُلْنَا: هُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَأَتْبَاعُهُمْ، كَانَ الْمَعْنَى: أَوْرَثْنَا كُلَّ كِتَابٍ أُنْزِلَ عَلَى نَبِيٍّ، ذَلِكَ النَّبِيَّ وَأَتْبَاعَهُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الْكِتَابَ هُوَ الْقُرْآنُ، وَالْمُصْطَفَوْنَ أُمَّةُ الرَّسُولِ، وَمَعْنَى أَوْرَثْنَا، قَالَ مُجَاهِدٌ: أَعْطَيْنَا، لِأَنَّ الْمِيرَاثَ عَطَاءٌ. ثُمَّ قَسَّمَ الْوَارِثِينَ إِلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، قَالَ مَكِّيٌّ: فَقِيلَ هم المذكورون فِي الْوَاقِعَةِ. فَالسَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ هُوَ الْمُقَرَّبُ، وَالْمُقْتَصِدُ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ، وَالظَّالِمُ لِنَفْسِهِ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ يُرْوَى مَعْنَاهُ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ، قَالُوا: الضَّمِيرَ فِي مِنْهُمْ عَائِدٌ عَلَى الْعِبَادِ. فَالظَّالِمُ لِنَفَسِهِ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ، وَالْمُقْتَصِدُ الْمُؤْمِنُ الْعَاصِي، وَالسَّابِقُ التَّقِيُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَقَالُوا: هُوَ نَظِيرُ مَا فِي الْوَاقِعَةِ.
وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ هُمْ فِي أُمَّةِ الرَّسُولِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَشْأَمَةِ مُكَذِّبًا ضَالًّا لَا يُورَثُ الْكِتَابَ وَلَا اصْطَفَاهُ اللَّهُ، وَإِنَّمَا الَّذِي فِي الْوَاقِعَةِ أَصْنَافُ الْخَلْقِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: سَابِقُنَا أَهْلُ جِهَادٍ، وَمُقْتَصِدُنَا أَهْلُ حَضَرِنَا، وَظَالِمُنَا أَهْلُ بَدْوِنَا، لَا يَشْهَدُونَ جُمُعَةً وَلَا جَمَاعَةً. وَقَالَ مُعَاذٌ: الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ: الَّذِي مَاتَ عَلَى كَبِيرَةٍ لَمْ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست