responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 31
وَالنَّظَرُ فِي مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ واختلاف ألوانها يخشى الله. وَلَكِنَّ التَّرْكِيبَ جَاءَ بِإِنَّمَا، وَهِيَ تَقْطَعُ هَذَا الْمَجْرُورَ عَمَّا بَعْدَهَا، وَالْعُلَمَاءُ هُمُ الَّذِينَ عَلِمُوهُ بِصِفَاتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَمَا يَجِبُ لَهُ وَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ، فَعَظَّمُوهُ وَقَدَّرُوهُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَخَشَوْهُ حَقَّ خَشْيَتِهِ، وَمَنِ ازْدَادَ بِهِ عِلْمًا ازْدَادَ مِنْهُ خَوْفًا، وَمَنْ كَانَ عِلْمُهُ بِهِ أَقَلَّ كَانَ آمَنَ، وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ فِي الْخَشْيَةِ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَقَدْ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ الْخَشْيَةُ حَتَّى عُرِفَتْ فِيهِ.
وَمَنِ ادَّعَى أَنَّ إِنَّمَا لِلْحَصْرِ قَالَ: الْمَعْنَى مَا يَخْشَى اللَّهَ إِلَّا الْعُلَمَاءُ، فَغَيْرُهُمْ لَا يَخْشَاهُ، وَهُوَ قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَإِنَّمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَخْصِيصُ الْعُلَمَاءِ لَا الْحَصْرُ، وَهِيَ لَفْظَةٌ تَصْلُحُ لِلْحَصْرِ وَتَأْتِي أَيْضًا دُونَهُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى الَّذِي جَاءَتْ فِيهِ. انْتَهَى.
وَجَاءَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ، إِذْ ظَاهِرُهُ خِطَابٌ لِلرَّسُولِ، حَيْثُ عَدَّدَ آيَاتِهِ وَأَعْلَامَ قُدْرَتِهِ وَآثَارَ صَنْعَتِهِ، وَمَا خَلَقَ مِنَ الْفِطَرِ الْمُخْتَلِفَةِ الْأَجْنَاسِ، وَمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى صِفَاتِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا يَخْشَاهُ مِثْلُكَ وَمَنْ عَلَى صِفَتِكَ مِمَّنْ عَرَفَهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِنَصْبِ الْجَلَالَةِ وَرَفْعِ الْعُلَمَاءِ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي حَنِيفَةَ عَكْسُ ذَلِكَ، وَتُؤُوِّلَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى أَنَّ الْخَشْيَةَ اسْتِعَارَةٌ لِلتَّعْظِيمِ، لِأَنَّ مَنْ خَشِيَ وَهَابَ أَجَلَّ وَعَظَّمَ مَنْ خَشِيَهُ وَهَابَ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ عَنْهُمَا. وَقَدْ رَأَيْنَا كُتُبًا فِي الشَّوَاذِّ، وَلَمْ يَذْكُرُوا هَذِهِ الْقِرَاءَةَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا الزَّمَخْشَرِيُّ، وَذَكَرَهَا عَنْ أَبِي حَيْوَةَ أَبُو الْقَاسِمِ يُوسُفُ بْنُ جُبَارَةَ فِي كِتَابِهِ الْكَامِلِ. إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ: تَعْلِيلٌ لِلْخَشْيَةِ، إِذِ الْعِزَّةُ تَدُلُّ عَلَى عُقُوبَةِ الْعُصَاةِ وَقَهْرِهِمْ، وَالْمَغْفِرَةُ عَلَى إِنَابَةِ الطَّائِعِينَ وَالْعَفْوِ عَنْهُمْ.
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ: ظَاهِرُهُ يَقْرَأُونَ، كِتابَ اللَّهِ: أَيْ يُدَاوِمُونَ تِلَاوَتَهُ. وَقَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الشِّخِّيرِ: هَذِهِ آيَةُ الْقُرَّاءِ، وَيَتَّبِعُونَ كِتَابَ اللَّهِ، فَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ وَعَنِ الْكَلْبِيِّ: يَأْخُذُونَ بِمَا فِيهِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُمْ أَصْحَابُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورضي عنهم وقال:
«عطاءهم الْمُؤْمِنُونَ» . وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى وَصْفَهُمْ بِالْخَشْيَةِ، وَهِيَ عَمَلُ الْقَلْبِ، ذَكَرَ أَنَّهُمْ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَهُوَ عَمَلُ اللِّسَانِ. وَأَقامُوا الصَّلاةَ: وَهُوَ عَمَلُ الْجَوَارِحِ، وَيُنْفِقُونَ: وَهُوَ الْعَمَلُ الْمَالِيُّ. وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ وَالْإِنْفَاقُ: يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ، لَا لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ.
تِجارَةً لَنْ تَبُورَ: لَنْ تَكْسُدَ، وَلَا يَتَعَذَّرَ الرِّبْحُ فِيهَا، بَلْ يُنْفِقُ عِنْدَ اللَّهِ. لِيُوَفِّيَهُمْ:
مُتَعَلِّقٌ بِيَرْجُونَ، أَوْ بِلْنَ تَبُورَ، أَوْ بِمُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ: فَعَلُوا ذَلِكَ، أَقْوَالٌ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
وَإِنْ شِئْتَ فَقُلْتَ: يَرْجُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ عَلَى وَأَنْفَقُوا رَاجِينَ لِيُوَفِّيَهُمْ، أَيْ فَعَلُوا جَمِيعَ ذَلِكَ لِهَذَا الْغَرَضِ. وَخَبَرُ إِنَّ قَوْلُهُ: إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ لِأَعْمَالِهِمْ، وَالشُّكْرُ مَجَازٌ عَنِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست