responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 166
لَمَّا أَمَرَهُ تَعَالَى بِالصَّبْرِ عَلَى سَفَاهَةِ قَوْمِهِ، وَذَكَرَ جُمْلَةً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَأَحْوَالِهِمْ، ذكر مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ حَالُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ مِنَ الْجَزَاءِ، وَمَقَرُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَلَمَّا كَانَ مَا يَذْكُرُهُ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ التَّنْزِيلِ، قَالَ: هَذَا ذِكْرٌ، كَأَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ، وَأَعْقَبَهُ بِذِكْرِ أَهْلِ النَّارِ قَالَ: هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ؟ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَضَى مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. وَقِيلَ: هَذَا ذِكْرٌ: أَيْ شَرَفٌ تُذْكَرُونَ بِهِ أَبَدًا.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: جَنَّاتِ بِالنَّصْبِ، وَهُوَ بَدَلٌ، فَإِنْ كَانَ عَدْنٍ عَلَمًا، فَبَدَلُ مَعْرِفَةٍ مِنْ نَكَرَةٍ وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً، فَبَدَلُ نَكِرَةٍ مِنْ نَكِرَةٍ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: جَنَّاتِ عَدْنٍ مَعْرِفَةٌ لِقَوْلِهِ: جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ [1] ، وَانْتِصَابُهَا عَلَى أَنَّهَا عطف بيان بحسن مآب، ومفتحة حَالٌ، وَالْعَامِلُ فِيهَا مَا فِي الْمُتَّقِينَ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ. وَفِي مُفَتَّحَةً ضَمِيرُ الْجَنَّاتِ، وَالْأَبْوَابُ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ تَقْدِيرُهُ:
مُفَتَّحَةً هِيَ الْأَبْوَابُ لِقَوْلِهِمْ: ضُرِبَ زَيْدٌ الْيَدُ وَالرِّجْلُ، وَهُوَ مِنْ بَدَلِ الِاشْتِمَالِ. انْتَهَى. وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ جَنَّاتِ عَدْنٍ مَعْرِفَةً بِالدَّلِيلِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي، لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ الَّتِي صِفَةٌ لِجَنَّاتِ عَدْنٍ، وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرَهُ، إِذْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الَّتِي بَدَلًا مِنْ جَنَّاتِ عَدْنٍ. أَلَا تَرَى أَنَّ الَّذِي وَالَّتِي وَجُمُوعَهُمَا تُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ الْأَسْمَاءِ، فَتَلِي الْعَوَامِلَ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ صِفَةً؟ وَأَمَّا انْتِصَابُهَا عَلَى أَنَّهَا عَطْفُ بَيَانٍ فَلَا يَجُوزُ، لِأَنَّ النَّحْوِيِّينَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْمَعَارِفِ، فَلَا يَكُونُ عَطْفُ الْبَيَانِ إِلَّا تَابِعًا لِمَعْرِفَةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي النَّكِرَاتِ، فَيَكُونُ عَطْفُ الْبَيَانِ تَابِعًا لِنَكِرَةٍ، كَمَا تَكُونُ الْمَعْرِفَةُ فِيهِ تَابِعَةً لِمَعْرِفَةٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ، وَتَبِعَهُمُ الْفَارِسِيُّ. وَأَمَّا تَخَالُفُهُمَا فِي التَّنْكِيرِ وَالتَّعْرِيفِ فَلَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ أَحَدٌ سِوَى هَذَا الْمُصَنِّفِ. وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: مَقامِ إِبْراهِيمَ [2] ، فَأَعْرَبَهُ عَطْفَ بَيَانٍ تَابِعًا لِنَكِرَةٍ، وَهُوَ آياتٍ بَيِّناتٍ [3] ، ومَقامِ إِبْراهِيمَ مَعْرِفَةٌ، وَقَدْ رَدَدْنَا عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ فِي آلِ عِمْرَانَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَفِي مُفَتَّحَةً ضَمِيرُ الْجَنَّاتِ، فَجُمْهُورُ النَّحْوِيِّينَ أَعْرَبُوا الْأَبْوَابَ مَفْعُولًا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَجَاءَ أَبُو عَلِيٍّ فَقَالَ: إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ. مِنَ الْحَالِيَّةِ إِنْ أَعْرَبَ مُفَتَّحَةً حَالًا، أَوْ مِنَ النَّعْتِ إِنْ أَعْرَبَ نعتا لجنات عَدْنٍ، فَقَالَ: فِي مُفَتَّحَةً ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْجَنَّاتِ حَتَّى تَرْتَبِطَ الْحَالُ بِصَاحِبِهَا، أو النعت بمنعوته،

[1] سورة مريم: 19/ 61.
[2] سورة آل عمران: 3/ 97.
[3] سورة آل عمران: 3/ 97.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست