responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 165
مَصْدَرٌ، وَالدَّارُ دَارُ الْآخِرَةِ. قَالَ قَتَادَةُ: الْمَعْنَى بِأَنْ خَلَصَ لَهُمُ التَّذْكِيرُ بِالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهَا وَحَضَّهُمْ عَلَيْهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: خَلَصَ لَهُمْ ذِكْرُهُمُ الدَّارَ الْآخِرَةَ، وَخَوْفُهُمْ لَهَا.
وَالْعَمَلُ بِحَسَبِ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: وَهَبْنَا لَهُمْ أَفْضَلَ مَا فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَأَخْلَصْنَاهُمْ بِهِ، وَأَعْطَيْنَاهُمْ إِيَّاهُ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالدَّارِ دَارَ الدُّنْيَا، عَلَى مَعْنَى ذِكْرِ الثَّنَاءِ وَالتَّعْظِيمِ مِنَ النَّاسِ، وَالْحَمْدُ الْبَاقِي الَّذِي هُوَ الْخُلْدُ الْمَجَازِيُّ، فَتَجِيءُ الْآيَةُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: لِسانَ صِدْقٍ [1] ، وَقَوْلِهِ: وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ [2] . انْتَهَى. وَحَكَى الزَّمَخْشَرِيُّ هَذَا الِاحْتِمَالَ قَوْلًا فَقَالَ: وَقِيلَ ذِكْرَى الدَّارِ: الثَّنَاءِ الْجَمِيلِ فِي الدُّنْيَا وَلِسَانُ الصِّدْقِ. انْتَهَى. وَالْبَاءُ فِي بِخَالِصَةٍ بَاءُ السَّبَبِ، أَيْ بِسَبَبِ هَذِهِ الْخَصْلَةِ وَبِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِهَا، وَيُعَضِّدُهُ قراءة بخالصتهم. وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ، أَيْ الْمُخْتَارِينَ مِنْ بَيْنِ أَبْنَاءِ جِنْسِهِمْ، الْأَخْيارِ: جَمْعُ خَيِّرٍ، وَخَيِّرٌ كَمَيِّتٍ وَمَيِّتٌ وَأَمْوَاتٌ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْيَسَعَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، وَذَا الْكِفْلِ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ. وَعِنْدَنَا ظَرْفٌ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمُصْطَفَيْنَ، أَيْ وَإِنَّهُمْ مُصْطَفَوْنَ عِنْدَنَا، أَوْ مَعْمُولٌ لِلْمُصْطَفَيْنَ، وَإِنْ كَانَ بِأَلْ، لِأَنَّهُمْ يَتَسَمَّحُونَ فِي الظَّرْفِ وَالْمَجْرُورِ مَا لَا يَتَسَمَّحُونَ فِي غَيْرِهِمَا، أَوْ عَلَى التَّبْيِينِ، أَيْ أَعْنِي عِنْدَنَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَنَا فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ، وَيَعْنِي بِالْعِنْدِيَّةِ: الْمَكَانَةُ، وَلَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ: فِي مَوْضِعِ خَبَرٍ ثَانٍ لِوُجُودِ اللَّامِ، لَا يَجُوزُ أَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ لَمُنْطَلِقٌ، وَكُلٌّ:
أَيْ وَكُلُّهُمْ، مِنَ الْأَخْيَارِ.
هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ، جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ، مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ، وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ، هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ، إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنا مَا لَهُ مِنْ نَفادٍ، هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ، جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ، هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ، وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ، هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ، قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ، قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هَذَا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ، وَقالُوا مَا لَنا لَا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ، أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ، إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ، قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ، رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ.

[1] سورة مريم: 19/ 50، وسورة الشعراء: 26/ 84.
[2] سورة الصافات: 37/ 78 و 108 و 119 و 129.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست