responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 152
يَكُونَ مَعْنَاهُ: تَخْلُفُ مَنْ تَقَدَّمَكَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، أَنْ يُعْلِيَ قَدْرَكَ بِجَعْلِكَ مَلِكًا نَافِذَ الْحُكْمِ، وَمِنْهُ قِيلَ: خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ. وَاسْتُدِلَّ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى احْتِيَاجِ الْأَرْضِ إِلَى خَلِيفَةٍ مِنَ اللَّهِ، وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَةِ، بَلْ لُزُومُهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَالْإِجْمَاعِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَلَا يُقَالُ خَلِيفَةُ اللَّهِ إِلَّا لِرَسُولٍ. وَأَمَّا الْخُلَفَاءُ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَلِيفَةُ الَّذِي قَبْلَهُ، وَمَا يَجِيءُ فِي الشِّعْرِ مِنْ تَسْمِيَةِ أَحَدِهِمْ خَلِيفَةَ اللَّهِ فَذَلِكَ تَجَوُّزٌ، كَمَا قَالَ قَيْسُ الرُّقَيَّاتِ:
خَلِيفَةُ اللَّهِ فِي بَرِّيَّتِهِ ... حَقَّتْ بِذَاكَ الْأَقْلَامُ وَالْكُتُبُ
وَقَالَتِ الصَّحَابَةُ لِأَبِي بَكْرٍ: خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ، وَبِذَلِكَ كَانَ يُدْعَى مُدَّتُهُ. فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ قَالُوا: خَلِيفَةُ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَطَالَ الْأَمْرُ وَزَادَ أَنَّهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَدَعَوْهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقُصِرَ هَذَا الِاسْمُ عَلَى الْخُلَفَاءِ. انْتَهَى. فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ: أَمْرٌ بِالدَّيْمُومَةِ، وَتَنْبِيهٌ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ وَلِيَ أُمُورَ النَّاسِ. فَمِنْ حَيْثُ هُوَ مَعْصُومٌ لَا يَحْكُمُ إِلَّا بِالْحَقِّ، أُمِرَ أَوَّلًا بِالْحُكْمِ وَلَمَّا كَانَ الْهَوَى قَدْ يَعْرِضُ لِغَيْرِ الْمَعْصُومِ، أَمَرَ بِاجْتِنَابِهِ، وَذَكَرَ نَتِيجَةَ اتِّبَاعِهِ، وَهُوَ إِضْلَالُهُ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وفَيُضِلَّكَ: جَوَابٌ لِلنَّهْيِ، وَالْفَاعِلُ فِي فَيُضِلَّكَ ضَمِيرُ الْهَوى، أَوْ ضَمِيرُ الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ وَلا تَتَّبِعِ، أَيْ فَيُضِلَّكَ اتِّبَاعُ الْهَوَى.
وَلَمَّا ذِكْرُ مَا تَرَتَّبَ عَلَى اتِّبَاعِ الْهَوَى، وَهُوَ الْإِضْلَالُ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، ذَكَرَ عِقَابَ الضَّالِّ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: يَضِلُّونَ، بِفَتْحِ الْيَاءِ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَضَلَّهُمُ اتِّبَاعُ الْهَوَى صَارُوا ضَالِّينَ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ: بِخِلَافٍ عَنْهُمَا وَأَبُو حَيْوَةَ: بِضَمِّ الْيَاءِ، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ أَعَمُّ، لِأَنَّهُ لَا يضل إلا ضال فِي نَفْسِهِ وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ أوضح. وبِما نَسُوا: مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ لَهُمْ، وَنَسُوا: تَرَكُوا، ويَوْمَ: يجوز أن يكون منصوب بِنَسُوا، أَوْ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ لَهُمْ، وَيَكُونَ النِّسْيَانُ عِبَارَةً عَنْ ضَلَالِهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَانْتَصَبَ باطِلًا عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ خَلْقًا بَاطِلًا، أَوْ عَلَى الْحَالِ، أَيْ مُبْطِلِينَ، أَوْ ذَوِي بَاطِلٍ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ. مَعْنًى بَاطِلًا: عَبَثًا.
ذلِكَ: أَيْ كَوْنُ خَلْقِهَا بَاطِلًا، ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا: أَيْ مَظْنُونُهُمْ، وَهَؤُلَاءِ، وَإِنْ كَانُوا مُقِرِّينِ بِأَنَّ خالق السموات وَالْأَرْضِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، فَهُمْ مِنْ حَيْثُ أَنْكَرُوا الْمَعَادَ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ ظَانُّونَ أَنَّ خَلْقَ ذَلِكَ لَيْسَ بِحِكْمَةٍ، وَأَنَّ خَلْقَ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ عَبَثٌ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لَا تُرْجَعُونَ [1] . فَنَبَّهَ عَلَى المعاد

[1] سورة المؤمنون: 23/ 115.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست