responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 151
سَجَدَ بَعْدَ أَنْ كَانَ رَاكِعًا. وَقَالَ قَوْمٌ: يُقَالُ خَرَّ لِمَنْ رَكَعَ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ إِلَى الْأَرْضِ. وَالَّذِي يُذْهَبُ إِلَيْهِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْآيَةِ مِنْ أَنَّ الْمُتَسَوِّرِينَ الْمِحْرَابَ كَانُوا مِنَ الْإِنْسِ، دَخَلُوا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْمَدْخَلِ، وَفِي غَيْرِ وَقْتِ جُلُوسِهِ لِلْحُكْمِ، وَأَنَّهُ فَزِعَ مِنْهُمْ ظانا أنهم يغتالونه، إذ كَانَ مُنْفَرِدًا فِي مِحْرَابِهِ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ. فَلَمَّا اتَّضَحَ لَهُ أَنَّهُمْ جَاءُوا فِي حُكُومَةٍ، وَبَرَزَ مِنْهُمُ اثْنَانِ لِلتَّحَاكُمِ، كَمَا قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ظَنَّ دُخُولَهُمْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمِنْ تلك الجهة إنقاذ مِنَ اللَّهِ لَهُ أَنْ يَغْتَالُوهُ، فَلَمْ يَقَعْ مَا كَانَ ظَنُّهُ، فَاسْتَغْفَرَ مِنْ ذَلِكَ الظَّنِّ، حَيْثُ أُخْلِفَ وَلَمْ يَكُنْ يَقَعُ مَظْنُونُهُ، وَخَرَّ سَاجِدًا، أَوْ رَجَعَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَغَفَرَ لَهُ ذَلِكَ الظَّنَّ وَلِذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ سِوَى قَوْلِهِ: وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ، وَيُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، مَعْصُومُونَ مِنَ الْخَطَايَا، لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ضَرُورَةَ أَنْ لَوْ جَوَّزْنَا عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، بَطَلَتِ الشَّرَائِعُ، وَلَمْ نَثِقْ بِشَيْءٍ مِمَّا يَذْكُرُونَ أَنَّهُ أَوْحَى اللَّهُ بِهِ إِلَيْهِمْ، فَمَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ يَمُرُّ عَلَى مَا أَرَادَهُ تَعَالَى، وَمَا حَكَى الْقَصَّاصُ مِمَّا فِيهِ غَضٌّ عَنْ مَنْصِبِ النُّبُوَّةِ طَرَحْنَاهُ، وَنَحْنُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَنُؤْثِرُ حُكْمَ الْعَقْلِ فِي كُلِّ شُبْهَةٍ ... إِذَا آثَرَ الْأَخْبَارَ جُلَّاسُ قَصَّاصِ
يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ، وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ، أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ، كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ، وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ، إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ، فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ، رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ، وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ، قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ، وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ، وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ، هَذَا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ، وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ.
جَعْلُهُ تَعَالَى دَاوُدَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ يَدُلُّ عَلَى مَكَانَتِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عِنْدَهُ وَاصْطِفَائِهِ، وَيَدْفَعُ فِي صَدْرِ مَنْ نَسَبَ إِلَيْهِ شَيْئًا مِمَّا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ. وَاحْتَمَلَ لَفْظُ خَلِيفَةٍ أَنْ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست