responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 478
وَإِنَّمَا قِيلَ الْأُولَى، لِأَنَّهُ يُقَالُ لِكُلِّ مُتَقَدِّمٍ وَمُتَقَدِّمَةٍ أَوَّلُ وَأُولَى، وَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُمْ تَقَدَّمُوا عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُمْ أُولَى، وَهُمْ أَوَّلُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، عِلْيَهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَقَالَ عُمَرُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: وَهَلْ كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ إِلَّا وَاحِدَةً؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَهَلْ كَانَتِ الْأُولَى إِلَّا وَلَهَا آخِرَةٌ؟
فَقَالَ عُمَرُ: لِلَّهِ دَرُّكَ يَا ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَالْجَاهِلِيَّةُ الْأُخْرَى مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ، عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى جَاهِلِيَّةَ الْكُفْرِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَالْجَاهِلِيَّةُ الْأُخْرَى جَاهِلِيَّةَ الْفُسُوقِ وَالْفُجُورِ فِي الْإِسْلَامِ، فَكَانَ الْمَعْنَى: وَلَا يَجِدُكُنَّ بِالتَّبَرُّجِ جَاهِلِيَّةً فِي الْإِسْلَامِ يَتَشَبَّهْنَ بِهَا بِأَهْلِ جَاهِلِيَّةِ الْكُفْرِ. وَيُعَضِّدُهُ مَا
رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ: «إِنَّ فِيكَ جَاهِلِيَّةً» ، قَالَ: جَاهِلِيَّةُ كُفْرٍ أَمْ إِسْلَامٍ؟ فَقَالَ: «بَلْ جَاهِلِيَّةُ كُفْرٍ» .
انْتَهَى.
وَالْمَعْرُوفُ
فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّمَا قَالَ: «إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ» ، لِأَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنِ عَطِيَّةَ: وَالَّذِي يَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي يَخُصُّهَا، فَأُمِرْنَ بِالنُّقْلَةِ مِنْ سِيرَتِهِنَّ فِيهَا، وَهِيَ مَا كَانَ قَبْلَ الشَّرْعِ مِنْ سِيرَةِ الْكُفْرِ، وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا غَيْرَةَ عِنْدَهُمْ، وَكَانَ أَمْرُ النِّسَاءِ دُونَ حَجَبَةٍ، وَجَعَلَهَا أَوْلَى بِالْإِضَافَةِ إِلَى حَالَةِ الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ ثَمَّ جَاهِلِيَّةٌ أُخْرَى. وَقَدْ مَرَّ إِطْلَاقُ اسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَقَالُوا: جَاهِلِيٌّ فِي الشُّعَرَاءِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْبُخَارِيِّ: سَمِعْتُ، أَيْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى غَيْرِ هَذَا. انْتَهَى.
وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ: أَمَرَهُنَّ أَمْرًا خَاصًّا بِالصَّلَاةِ والزكاة، إذ هما عمودا الطَّاعَةِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ، ثُمَّ جَاءَ بِهِمَا فِي عُمُومِ الْأَمْرِ بِالطَّاعَةِ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ نَهْيَهُنَّ وَأَمْرَهُنَّ وَوَعْظَهُنَّ إِنَّمَا هُوَ لِإِذْهَابِ الْمَأْثَمِ عَنْهُنَّ وَتَصَوُّنِهُنَّ بِالتَّقْوَى. وَاسْتَعَارَ الرِّجْسَ لِلذُّنُوبِ، وَالطُّهْرَ لِلتَّقْوَى، لِأَنَّ عِرْضَ الْمُقْتَرِفِ لِلْمَعَاصِي يَتَدَنَّسُ بِهَا وَيَتَلَوَّثُ، كَمَا يَتَلَوَّثُ بَدَنُهُ بِالْأَرْجَاسِ. وَأَمَّا الطَّاعَاتُ، فَالْعِرْضُ مَعَهَا نَقِيٌّ مَصُونٌ كَالثَّوْبِ الطَّاهِرِ، وَفِي هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ تَنْفِيرٌ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَتَرْغِيبٌ فِيمَا أَمَرَ بِهِ. وَالرِّجْسُ يَقَعُ عَلَى الْإِثْمِ، وَعَلَى الْعَذَابِ، وَعَلَى النَّجَاسَةِ، وَعَلَى النَّقَائِصِ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ جَمِيعَ ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الرِّجْسُ هُنَا: الشِّرْكُ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْإِثْمُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الشَّيْطَانُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْفِسْقُ وَقِيلَ: الْمَعَاصِي كُلُّهَا، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقِيلَ: الشَّكُّ وَقِيلَ: الْبُخْلُ والطبع وَقِيلَ: الْأَهْوَاءُ وَالْبِدَعُ.
وَانْتَصَبَ أَهْلٌ عَلَى النِّدَاءِ، أَوْ عَلَى الْمَدْحِ، أَوْ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، وَهُوَ قَلِيلٌ فِي الْمُخَاطَبِ، وَمِنْهُ:

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 478
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست