responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 477
بَعْدَهَا. انْتَهَى، وَهَذَا غَايَةٌ فِي التَّحْمِيلِ كَعَادَتِهِ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَنَافِعٌ: بِفَتْحِ الْقَافِ، وَهِيَ لُغَةُ الْعَرَبِ يَقُولُونَ: قَرِرْتُ بِالْمَكَانِ، بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِفَتْحِ الْقَافِ، حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُمَا، وَأَنْكَرَهَا قَوْمٌ، مِنْهُمُ الْمَازِنِيُّ، وَقَالُوا: بِكَسْرِ الرَّاءِ، مِنْ قَرَّتِ الْعَيْنُ، وَبِفَتْحِهَا مِنَ الْقَرَارِ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: وَاقْرِرْنَ، بِأَلِفِ الْوَصْلِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى. وَتَقَدَّمَ لَنَا الْكَلَامُ عَلَى قَرِرْتُ، وَأَنَّهُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ مِنَ الْقَرَارِ وَمِنَ الْقِرَّةِ. أَمَرَهُنَّ تَعَالَى بِمُلَازَمَةِ بُيُوتِهِنَّ، وَنَهَاهُنَّ عَنِ التَّبَرُّجِ، وَأَعْلَمَ تَعَالَى أَنَّهُ فِعْلُ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى، وَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا قَرَأَتْ هَذِهِ الْآيَةَ بَكَتْ حَتَّى تَبُلَّ خِمَارَهَا، تَتَذَكَّرُ خُرُوجَهَا أَيَّامَ الْجَمَلِ تَطْلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ. وَقِيلَ لِسَوْدَةَ:
لِمَ لَا تَحُجِّينَ وَتَعْتَمِرِينَ كَمَا يَفْعَلُ إِخْوَانُكِ؟ فَقَالَتْ: قَدْ حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ وَأَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أَقِرَّ فِي بَيْتِي، فَمَا خَرَجَتْ مِنْ بَابِ حُجْرَتِهَا حَتَّى أُخْرِجَتْ جِنَازَتُهَا.
وَلا تَبَرَّجْنَ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: التَّبَرُّجُ: التَّبَخْتُرُ وَالتَّغَنُّجُ وَالتَّكَسُّرُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ:
تُلْقِي الْخِمَارَ عَلَى وَجْهِهَا وَلَا تَشُدُّهُ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: تُبْدِي مِنْ مَحَاسِنِهَا مَا يَجِبُ عَلَيْهَا ستره.
والْجاهِلِيَّةِ الْأُولى: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ثَمَّ جَاهِلِيَّةٌ مُتَقَدِّمَةٌ وَأُخْرَى مُتَأَخِّرَةٌ. فَقِيلَ: هُمَا ابْنَانِ لِآدَمَ، سَكَنَ أَحَدُهُمَا الْجَبَلَ، فَذُكُورُ أَوْلَادِهِ صِبَاحٌ وَإِنَاثُهُمْ قِبَاحٌ وَالْآخَرُ السَّهْلَ، وَأَوْلَادُهُ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ. فَسَوَّى لَهُمْ إِبْلِيسُ عِيدًا يَجْتَمِعُ جَمِيعُهُمْ فِيهِ، فَمَالَ ذُكُورُ الْجَبَلِ إِلَى إِنَاثِ السَّهْلِ وَبِالْعَكْسِ، فَكَثُرَتِ الْفَاحِشَةُ، فَهُوَ تَبَرُّجُ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ: مَا بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ، وَهِيَ ثَمَانُمِائَةِ سَنَةٍ، كَانَ الرِّجَالُ صِبَاحًا وَالنِّسَاءُ قِبَاحًا، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَدْعُو الرَّجُلَ إِلَى نَفْسِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: الْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى مَا بَيْنَ إِدْرِيسَ وَنُوحٍ، كَانَتْ أَلْفَ سَنَةٍ، تَجْمَعُ الْمَرْأَةُ بَيْنَ زَوْجٍ وَعَشِيقٍ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُ: مَا بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ. قَالَ مُقَاتِلٌ: زَمَنَ نُمْرُوذَ، بَغَايَا يَلْبَسْنَ أَرَقَّ الدُّرُوعِ وَيَمْشِينَ فِي الطُّرُقِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَالْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى هِيَ الْقَدِيمَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ، وَهِيَ الزَّمَانُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ. كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْبَسُ الدِّرْعَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، فَتَمْشِي وَسَطَ الطَّرِيقِ تَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَى الرِّجَالِ. وقال أبو العالية: زمن دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ، كَانَ لِلْمَرْأَةِ قَمِيصٌ مِنَ الدُّرِّ غَيْرُ مَخِيطِ الْجَانِبَيْنِ، يَظْهَرُ مِنْهُ الْأَكْعَابُ وَالسَّوْأَتَانِ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَجْمَعُ بَيْنَ زوجها وحلمها، للزوج نصفها الأسفل، وللحلم نِصْفُهَا، يَتَمَتَّعُ بِهِ فِي التَّقْبِيلِ وَالتَّرَشُّفِ. وَقِيلَ: مَا بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ، عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ والسلام. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْأُولَى زَمَنُ إِبْرَاهِيمَ، وَالثَّانِيَةُ زَمَنَ مُحَمَّدٍ، عِلْيَهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْأَشْبَهُ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، لِأَنَّهُمْ هُمُ الْجَاهِلِيَّةُ الْمَعْرُوفُونَ، كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْبَغَايَا.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 477
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست