responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 425
لَهُمْ، وَأَنْ يُغْنُوا عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، فَلِذَلِكَ جِيءَ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوْكَدِ. وَمَعْنَى التَّوْكِيدِ فِي لَفْظِ الْمَوْلُودِ: أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ لَوْ شَفَعَ لِلْوَالِدِ الْأَدْنَى الَّذِي وُلِدَ مِنْهُ، لَمْ تُقْبَلْ شَفَاعَتُهُ فَضْلًا أَنْ يَشْفَعَ لِمَنْ فَوْقَهُ مِنْ أَجْدَادِهِ، لِأَنَّ الْوَلَدَ يَقَعُ عَلَى الْوَلَدِ، وَوَلَدِ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الْمَوْلُودِ، فَإِنَّهُ لِمَنْ وُلِدَ مِنْكَ.
إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ:
يُرْوَى أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ عُمَارَةَ الْمُحَارِبِيَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ مَتَى قِيَامُهَا؟ وَإِنِّي لَقَدْ أَلْقَيْتُ حُبَاتِي فِي الْأَرْضِ، وَقَدْ أَبْطَأَتْ عَنِّي السَّمَاءُ، مَتَى تُمْطِرُ؟ وَأَخْبِرْنِي عَنِ امْرَأَتِي، فَقَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا، أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟
وَعَلِمْتُ ما علمت أَمْسِ، فَمَا أَعْمَلُ غَدًا؟ وَهَذَا مَوْلِدِي قَدْ عَرَفْتُهُ، فَأَيْنَ أَمُوتُ؟ فَنَزَلَتْ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ، وَتَلَا هَذِهِ الآية.
وعلم: مَصْدَرٌ أُضِيفَ إِلَى السَّاعَةِ، وَالْمَعْنَى:
عِلْمُ يَقِينٍ، وَفِيهَا: وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ فِي آيَاتِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمٍ وَلَا تَأْخِيرٍ. مَا فِي الْأَرْحامِ مِنْ ذَكَرٍ أَمْ أُنْثَى، تَامٍّ أَوْ نَاقِصٍ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ، بَرَّةٌ أَوْ فَاجِرَةٌ. مَاذَا تَكْسِبُ غَداً مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَرُبَّمَا عَزَمَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا فعلمت ضِدَّهُ. بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ:
وَرُبَّمَا أَقَامَتْ بِمَكَانٍ نَاوِيَةً أَنْ لَا تُفَارِقَهُ إِلَى أَنْ تُدْفَنَ بِهِ، ثُمَّ تُدْفَنَ فِي مَكَانٍ لَمْ يَخْطُرْ لَهَا بِبَالٍ قَطُّ. وَأَسْنَدَ الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ، وَالدِّرَايَةَ لِلنَّفْسِ، لِمَا فِي الدِّرَايَةِ مِنْ مَعْنَى الْخَتْلِ وَالْحِيلَةِ وَلِذَا وُصِفَ اللَّهُ بِالْعَالِمِ، وَلَا يُوصَفُ بِالدَّارِي. وأما قوله:
لا هم لَا أَدْرِي وَأَنْتِ الدَّارِي فَقَوْلُ عَرَبِيٍّ جِلْفٍ جَاهِلِيٍّ، جَاهِلٍ بِمَا يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ مِنَ الصِّفَاتِ، وَمَا يَجُوزُ مِنْهَا وَمَا يَمْتَنِعُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِأَيِّ أَرْضٍ. وَقَرَأَ مُوسَى الْأَسْوَارِيُّ، وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: بِأَيَّةِ أَرْضٍ، بِتَاءِ التَّأْنِيثِ لِإِضَافَتِهَا إِلَى الْمَوْتِ، وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ فِيهِمَا. كَمَا أَنَّ كُلًّا إِذَا أُضِيفَتْ إِلَى مُؤَنَّثٍ قَدْ تُؤَنَّثُ، تَقُولُ: كُلُّهُنَّ فَعَلْنَ ذَلِكَ، وَتَدْرِي مُعَلَّقَةٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. فَالْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ:
مَاذَا تَكْسِبُ فِي مَوْضِعِ مَفْعُولِ تَدْرِي، وَيَجُوزَ أَنْ يَكُونَ مَاذَا كُلُّهَا موصولا منصوبا بتدري، كَأَنَّهُ قَالَ: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ الشَّيْءَ الَّتِي تَكْسِبُ غدا. وبأي متعلق بتموت، وَالْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ، أَيْ: فِي أَيِّ أَرْضٍ؟ فَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بتدري. وَوَقَعَ الْإِخْبَارُ بِأَنَّ اللَّهَ اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِهِ هَذِهِ الْخَمْسَ، لِأَنَّهَا جَوَابٌ لِسَائِلٍ سَأَلَ، وَهُوَ يَسْتَأْثِرُ بِعِلْمِ أَشْيَاءَ لَا يُحْصِيهَا إِلَّا هُوَ، وَهَذِهِ الْخَمْسِ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 425
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست