responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 352
مَوَدَّةَ، أَيِ اتَّخَذْتُمُ الْأَوْثَانَ بِسَبَبِ الْمَوَدَّةِ بَيْنَكُمْ، عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَوِ اتَّخَذْتُمُوهَا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ، كَقَوْلِهِ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ [1] ، أَوْ مِمَّا تَعَدَّتْ إِلَى وَاحِدٍ، وَانْتَصَبَ مَوَدَّةَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ، أَيْ لِيَتَوَادُّوا وَيَتَوَاصَلُوا وَيَجْتَمِعُوا عَلَى عِبَادَتِهَا، كَمَا يَجْتَمِعُ نَاسٌ عَلَى مَذْهَبٍ، فَيَقَعُ التَّحَابُّ بَيْنَهُمْ. وَذَكَرُوا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قِرَاءَةً شَاذَّةً تُخَالِفُ سَوَادَ الْمُصْحَفِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا فِي سَوَادِ الْمُصْحَفِ بِالنَّقْلِ الصَّحِيحِ الْمُسْتَفِيضِ، فَلِذَلِكَ لَمْ أَذْكُرْ تِلْكَ الْقِرَاءَةَ. ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَقَعُ بَيْنَكُمُ التَّلَاعُنُ، أَيْ فَيُلَاعِنُ الْعَبَدَةُ وَالْمَعْبُودَاتُ الْأَصْنَامَ، كقوله: ويَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا [2] . وبَيْنِكُمْ، وفِي الْحَياةِ: يَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا بِلَفْظِ مَوَدَّةَ وَعَمِلَ فِي ظَرْفَيْنِ لِاخْتِلَافِهِمَا، إِذْ هُمَا ظَرْفَا مَكَانٍ وَزَمَانٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَا بِمَحْذُوفَيْنِ، فَيَكُونَانِ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ، أَيْ كَائِنَةً بَيْنَكُمْ فِي الْحَيَاةِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي بَيْنِكُمْ. وَأَجَازَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَتَعَلَّقَ فِي الْحَياةِ.
باتخذتم عَلَى جَعْلِ مَا كَافَّةً وَنَصْبِ مَوَدَّةَ، لَا عَلَى جَعْلِ مَا مَوْصُولَةً بِمَعْنَى الَّذِي، أَوْ مَصْدَرِيَّةً وَرَفْعِ مَوَدَّةَ، لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إِلَى الْفَصْلِ بَيْنَ الْمَوْصُولِ وَمَا فِي الصِّلَةِ بِالْخَبَرِ. وَأَجَازَ قَوْمٌ مِنْهُمُ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنْ يَتَعَلَّقَ فِي الْحَياةِ بمودة، وَأَنْ يَكُونَ بَيْنِكُمْ صِفَةً لمودة، وَهُوَ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الْمَصْدَرَ إِذَا وُصِفَ قَبْلَ أَخْذِ مُتَعَلِّقَاتِهِ لَا يَعْمَلُ، وَشُبْهَتُهُمْ فِي هَذَا أَنَّهُ يَتَّسِعُ فِي الظَّرْفِ، بِخِلَافِ الْمَفْعُولِ بِهِ. وَأَجَازَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِنَفْسِ بَيْنِكُمْ، قَالَ: لِأَنَّ مَعْنَاهُ:
اجْتِمَاعُكُمْ أَوْ وَصْلُكُمْ. وَأَجَازَ أَيْضًا أَنْ يَجْعَلَهُ حَالًا مِنَ بَيْنِكُمْ، قَالَ: لِتَعَرُّفِهِ بِالْإِضَافَةِ.
انْتَهَى، وَهُمَا إِعْرَابَانِ لَا يَتَعَقَّلَانِ.
فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ: لَمْ يُؤْمِنْ بِإِبْرَاهِيمَ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِهِ إِلَّا لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ رَأَى النَّارَ لَمْ تُحْرِقْهُ، وَكَانَ ابْنُ أَخِي سَارَّةَ، أَوْ كَانَتْ بِنْتَ عَمِّهِ. وَالضَّمِيرُ فِي وَقالَ عَائِدٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، لِيَتَنَاسَقَ مَعَ قَوْلِهِ: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَالنَّخَعِيِّ.
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: يَعُودُ عَلَى لُوطٍ، وَهَاجَرَ، وَإِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، مِنْ قَرْيَتِهِمَا كُوثَى، وَهِيَ فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ، مِنْ أَرْضِ بَابِلَ، إِلَى فِلَسْطِينَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ فِي اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: هَاجَرَ إِلَى حَرَّانَ، ثُمَّ إِلَى الشَّامِ، وَفِي هِجْرَتِهِ هَذِهِ كَانَتْ مَعَهُ سَارَّةُ. وَالْمُهَاجِرُ: الْفَارِغُ عَنِ الشَّيْءِ، وَهُوَ فِي عُرْفِ الشَّرِيعَةِ: مَنْ تَرَكَ وَطَنَهُ رَغْبَةً فِي رِضَا اللَّهِ. وَعُرِفَ بِهَذَا الِاسْمِ أَصْحَابُ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمُهَاجِرُونَ، قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ. إِلى رَبِّي، أَيْ إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي أَمَرَنِي رَبِّي بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا.

[1] سورة البقرة: 2/ 165. [.....]
[2] سورة مريم: 19/ 82.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 352
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست