responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 351
سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالُوا لَا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ، إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ، وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.
لَمَّا أَمَرَهُمْ بِعِبَادَةِ اللَّهِ، وَبَيَّنَ سَفَهَهُمْ فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَظَهَرَتْ حُجَّتُهُ عَلَيْهِمْ، رَجَعُوا إِلَى الْغَلَبَةِ، فَجَعَلُوا الْقَائِمَ مَقَامَ جَوَابِهِ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ قَوْلَهُمْ: اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ. وَالْآمِرُونَ بِذَلِكَ، إِمَّا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، أَوْ كُبَرَاؤُهُمْ قَالُوا لِأَتْبَاعِهِمُ: اقْتُلُوهُ، فَتَسْتَرِيحُوا مِنْهُ عَاجِلًا، أَوْ حَرِّقُوهُ بِالنَّارِ فَإِمَّا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى دِينِكُمْ، إِذَا أَمْضَتْهُ النَّارُ وَإِمَّا أَنْ يَمُوتَ بِهَا، إِنْ أَصَرَّ عَلَى قَوْلِهِ وَدِينِهِ. وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، أَيْ حَرِّقُوهُ فِي النَّارِ، فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ. وَتَقَدَّمَتْ قِصَّتُهُ فِي تَحْرِيقِهِ فِي سُورَةِ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ [1] . وَجَمَعَ هُنَا فَقَالَ: الْآيَاتِ، لِأَنَّ الْإِنْجَاءَ مِنَ النَّارِ، وَجَعْلَهَا بَرْدًا وَسَلَامًا، وَأَنَّهَا فِي الْحَبْلِ الَّذِي كَانُوا أَوْثَقُوهُ بِهِ دُونَ الْجِسْمِ، وَإِنْ صَحَّ مَا نُقِلَ مِنْ أَنَّ مَكَانَهَا، حَالَةَ الرَّمْيِ، صَارَ بُسْتَانًا يَانِعًا، هُوَ مَجْمُوعُ آيَاتٍ، فَنَاسَبَ الْجَمْعَ، بِخِلَافِ الْإِنْجَاءِ مِنَ السَّفِينَةِ، فَإِنَّهُ آيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ مِنَ النَّارِ بَعْدَ إِلْقَائِهِ فِيمَا قَالَ كَعْبٌ: لَمْ يَحْتَرِقْ بِالنَّارِ إِلَّا الْحَبْلُ الَّذِي أَوْثَقُوهُ بِهِ. وَجَاءَ هُنَا التَّرْدِيدُ بَيْنَ قَتْلِهِ وَإِحْرَاقِهِ، فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَائِلِينَ: نَاسٌ أَشَارُوا بِالْقَتْلِ، وَنَاسٌ أَشَارُوا بِالْإِحْرَاقِ. وَفِي اقْتَرَبَ قَالُوا: حَرِّقُوهُ [2] اقْتَصَرُوا عَلَى أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي فَعَلُوهُ، رَمَوْهُ فِي النَّارِ وَلَمْ يَقْتُلُوهُ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: جَوابَ، بِالنَّصْبِ وَالْحَسَنُ، وَسَالِمٌ الْأَفْطَسُ: بِالرَّفْعِ، اسْمًا لكان. وَقَرَأَ الْحَسَنُ، وَأَبُو حَيْوَةَ، وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَأَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ الْأَصْمَعِيِّ، وَالْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ: مودة بالرفع، وبينكم بِالنَّصْبِ. فَالرَّفْعُ عَلَى خَبَرِ إن، وَمَا مَوْصُولَةٌ بِمَعْنَى الَّذِي، أَيْ إِنَّ الْأَوْثَانَ الَّتِي اتَّخَذْتُمُوهَا مَوْدُودًا، أَوْ سَبَبَ مَوَدَّةٍ، أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ إِنَّ اتِّخَاذَكُمْ أَوْثَانًا مَوَدَّةً، أَوْ عَلَى خَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هِيَ مَوَدَّةُ بَيْنِكُمْ، وَمَا إِذْ ذَاكَ مُهَيِّئَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ عَاصِمٍ: مَوَدَّةُ، بِالرَّفْعِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ وبينكم بِالْفَتْحِ، أَيْ بِفَتْحِ النُّونِ، جَعَلَهُ مَبْنِيًّا لِإِضَافَتِهِ إِلَى مَبْنِيٍّ، وَهُوَ مَوْضِعُ خَفْضٍ بِالْإِضَافَةِ، وَلِذَلِكَ سَقَطَ التَّنْوِينُ مِنْ مَوَدَّةُ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو، وَالْكِسَائِيُّ، وَابْنُ كَثِيرٍ: كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ خَفَضَ نُونَ بَيْنِكُمْ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ، وَعَاصِمٌ: بِنَصْبِ مَوَدَّةً مُنَوَّنًا وَنَصْبِ بَيْنَكُمْ وَحَمْزَةُ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ أَضَافَ مَوَدَّةً إِلَى بَيْنَكُمْ وَخَفَضَ، كَمَا فِي قِرَاءَةِ مَنْ نَصَبَ مودّة مهيئة. واتخذ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَعَدَّتْ إِلَى اثْنَيْنِ، وَالثَّانِي هُوَ

[1] سورة الأنبياء: 21/ 1.
[2] سورة الأنبياء: 21/ 68.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 351
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست