responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 32
مَنْ يَأْذَنُ أَمْ لَمْ يَكُنْ، أَيْ لَا تُلِحُّوا فِي طَلَبِ الْإِذْنِ وَلَا فِي الْوُقُوفِ عَلَى الْبَابِ مُنْتَظِرِينَ.
هُوَ أَزْكى أَيِ الرُّجُوعُ أَطْهَرُ لَكُمْ وَأَنْمَى خَيْرًا لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَامَةِ الصَّدْرِ وَالْبُعْدِ عَنِ الرِّيبَةِ.
ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ تَعَالَى بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ أَيْ بِمَا تَأْتُونَ وَمَا تَذَرُوَنَ مِمَّا خُوطِبْتُمْ بِهِ فَيُجَازِيكُمْ عَلَيْهِ، وَفِي ذَلِكَ تَوَعُّدٌ لِأَهْلِ التَّجَسُّسِ عَلَى الْبُيُوتِ وَطَلَبِ الدُّخُولِ عَلَى غَيْرِهِ وَالنَّظَرِ لِمَا لَا يَحِلُّ.
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: اسْتَثْنَى مِنَ الْبُيُوتِ الَّتِي يَجِبُ الِاسْتِئْذَانُ عَلَى دَاخِلِهَا مَا لَيْسَ بِمَسْكُونٍ مِنْهَا نَحْوَ الْفَنَادِقِ وَهِيَ الْخَانَاتُ وَالرُّبُطُ وَحَوَانِيتُ الْبَيَّاعِينَ، وَالْمَتَاعُ الْمَنْفَعَةُ كَالِاسْتِكْنَانِ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَإِيوَاءِ الرِّحَالِ وَالسِّلَعِ وَالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْبُيُوتِ كَمَا ذَكَرَ هُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ، وَلَا يَظْهَرُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لِأَنَّ الْآيَةَ الْأُولَى فِي الْبُيُوتِ الْمَسْكُونَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ وَهَذَا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ فِي الْبُيُوتِ الْمُبَاحَةِ، وَقَدْ مَثَّلَ الْعُلَمَاءُ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ أَمْثِلَةً. فَقَالَ محمد بن الْحَنَفِيَّةِ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: هِيَ فِي الْفَنَادِقِ الَّتِي فِي طُرُقِ الْمُسَافِرِينَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَسْكُنُهَا أَحَدٌ بَلْ هِيَ مَوْقُوفَةٌ يَأْوِي إِلَيْهَا كل ابن سبيل. وفِيها مَتاعٌ لَهُمْ أَيِ اسْتِمْتَاعٌ بِمَنْفَعَتِهَا، وَمَثَّلَ عَطَاءٌ بِالْخِرَبِ الَّتِي تُدْخَلُ لِلتَّبَرُّزِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَالشَّعْبِيُّ: هِيَ حَوَانِيتُ الْقَيْسَارِيَةِ وَالسُّوقِ. قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا: هِيَ دُورُ مَكَّةَ، وَهَذَا لَا يُسَوَّغُ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ دُورَ مَكَّةَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ، وَأَنَّ النَّاسَ فِيهَا شُرَكَاءُ وَأَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً. وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ وَعِيدٌ لِلَّذِينِ يَدْخُلُونَ الْبُيُوتَ غَيْرَ الْمَسْكُونَةِ مِنْ أَهْلِ الرِّيَبِ.
ومِنْ فِي مِنْ أَبْصارِهِمْ عِنْدَ الْأَخْفَشِ زَائِدَةً أَيْ يَغُضُّوا أَبْصارِهِمْ عَمَّا يَحْرُمُ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ لِلتَّبْعِيضِ وَذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ نَظْرَةٍ لَا يَمْلِكُهَا الْإِنْسَانُ وَإِنَّمَا يَغُضُّ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ
قَوْلُهُ لِعَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ الْأُولَى لَكَ وَلَيْسَتْ لَكَ الثَّانِيَةُ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مِنْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ، وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ انْتَهَى. وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مُبْهَمٌ فَتَكُونَ مِنْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ مِنْ لَيْسَ مِنْ مَوْضُوعَاتِهَا أَنْ تَكُونَ لِبَيَانِ الْجِنْسِ. وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ أَيْ مِنَ الزِّنَا وَمِنَ التَّكَشُّفِ.
وَدَخَلَتْ مِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ أَبْصارِهِمْ دُونَ الْفَرْجِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّظَرِ أَوْسَعُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الزَّوْجَةَ يَنْظُرُ زَوْجُهَا إِلَى مَحَاسِنِهَا مِنَ الشَّعْرِ وَالصَّدْرِ وَالْعَضُدِ وَالسَّاقِ وَالْقَدَمِ، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ الْمُسْتَعْرَضَةُ وَيَنْظُرُ مِنَ الْأَجْنَبِيَّةِ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَأَمَّا أَمْرُ الْفَرْجِ فَمُضَيَّقٌ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست