responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 224
وَيُصَلِّيَ، فَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ، وَكَانَ الْهُدْهُدُ يَأْتِيهِ، وَكَانَ يَرَى الْمَاءَ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ. وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ الْجِنُّ يَسْلُخُونَ الْأَرْضَ حَتَّى يَظْهَرَ الْمَاءُ.
لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً: أَبْهَمَ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ، وَفِي تَعْيِينِهِ أَقْوَالٌ مُتَعَارِضَةٌ، وَالْأَجْوَدُ أَنْ يُجْعَلَ أَمْثِلَةً. فَعَنِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ: نَتَفَ رِيشَهُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: رِيشَهُ كُلَّهُ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ: جَنَاحَهُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: نَصِفَهُ وَيُبْقَي نِصْفَهُ.
وَقِيلَ: يُزَادُ مَعَ نَتْفِهِ تَرْكُهُ لِلشَّمْسِ. وَقِيلَ: يُحْبَسُ فِي الْقَفَصِ. وَقِيلَ: يُطْلَى بِالْقَطِرَانِ وَيُشَمَّسُ. وَقِيلَ: يُنْتَفُ وَيُلْقَى لِلنَّمْلِ. وَقِيلَ: يُجْمَعُ مَعَ غَيْرِ جِنْسِهِ. وَقِيلَ: يُبْعَدُ مِنْ خِدْمَةِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقِيلَ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِلْفِهِ.
وَقِيلَ: يُلْزَمُ خِدْمَةَ امْرَأَتِهِ، وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ سُلَيْمَانَ غَضَبًا لِلَّهِ، حَيْثُ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَطَلَبَ الْمَاءَ لِلْوُضُوءِ فَلَمْ يَجِدْهُ، وَأَبَاحَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ
لِلْمَصْلَحَةِ، كَمَا أباح ذبح الْبَهَائِمَ وَالطُّيُورَ لِلْأَكْلِ، وَكَمَا سَخَّرَ لَهُ الطَّيْرَ، فَلَهُ أن يؤذّيه إِذَا لَمْ يَأْتِ مَا سُخِّرَ لَهُ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَوْ لَيَأْتِيَنِّي، بِنُونٍ مُشَدَّدَةٍ بَعْدَهَا يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ، وَابْنُ كَثِيرٍ: بِنُونٍ مُشَدَّدَةٍ بَعْدَهَا نُونُ الْوِقَايَةِ بَعْدَ الْيَاءِ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ: بِنُونٍ مُشَدَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ بِغَيْرِ يَاءٍ. وَالسُّلْطَانُ الْمُبِينُ: الْحُجَّةُ وَالْعُذْرُ، وفيه دليل على الإغلاط عَلَى الْعَاصِينَ وَعِقَابِهِمْ. وَبَدَأَ أَوَّلًا بِأَخَفِّ الْعِقَابَيْنِ، وَهُوَ التَّعْذِيبُ ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِالْأَشَدِّ، وَهُوَ إِذْهَابُ الْمُهْجَةِ بِالذَّبْحِ، وَأَقْسَمَ عَلَى هَذَيْنِ لِأَنَّهُمَا مِنْ فِعْلِهِ، وَأَقْسَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالسُّلْطَانِ وَلَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ. لَمَّا نَظَمَ الثَّلَاثَةَ فِي الْحُكْمِ بِأَوْ، كَأَنَّهُ قَالَ: لَيَكُونَنَّ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ، وَالْمَعْنَى: إِنْ أَتَى بِالسُّلْطَانِ، لَمْ يَكُنْ تَعْذِيبٌ وَلَا ذَبْحٌ، وَإِلَّا كَانَ أَحَدُهُمَا. وَلَا يَدُلُّ قَسَمُهُ عَلَى الْإِتْيَانِ عَلَى ادِّعَاءِ دِرَايَةٍ، عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَعَقَّبَ حَلِفُهُ بِالْفِعْلَيْنِ وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ بِأَنَّهُ يَأْتِيهِ بِسُلْطَانٍ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ عَنْ دِرَايَةٍ وَإِيقَانٍ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَمَكَثَ، بِضَمِّ الْكَافِ وَعَاصِمٌ، وَأَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةٍ الْجُعْفِيِّ، وَسَهْلٌ، وَرَوْحٌ: بِضَمِّهَا. وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: فَيَمْكُثُ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: فَيَمْكُثُ، فَقَالَ: وَكِلَاهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ تَفْسِيرٌ لَا قِرَاءَةٌ، لِمُخَالَفَةِ ذَلِكَ سَوَادَ الْمُصْحَفِ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُمَا بِالنَّقْلِ الثَّابِتِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي فَمَكَثَ عَائِدٌ عَلَى الْهُدْهُدِ، أَيْ غَيْرَ زَمَنٍ بَعِيدٍ، أَيْ عَنْ قُرْبٍ. وَوُصِفَ مُكْثُهُ بِقِصَرِ الْمُدَّةِ، لِلدَّلَالَةِ عَلَى إِسْرَاعِهِ، خَوْفًا مِنْ سُلَيْمَانَ، وَلِيُعْلَمَ كَيْفَ كَانَ الطَّيْرُ مُسَخَّرًا لَهُ، وَلِبَيَانِ مَا أُعْطِيَ مِنَ الْمُعْجِزَةِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ وَعَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ.
وَقِيلَ: وَقَفَ مَكَانًا غَيْرَ بَعِيدٍ مِنْ سُلَيْمَانَ، وَكَأَنَّهُ فِيمَا رُوِيَ، حِينَ نَزَلَ سُلَيْمَانُ حَلَّقَ الْهُدْهُدُ،

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست