responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 223
وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ، أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ، اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ، اذْهَبْ بِكِتابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ.
الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفَقَّدَ جَمِيعَ الطَّيْرِ، وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ الْعِنَايَةُ بِأُمُورِ الْمُلْكِ وَالِاهْتِمَامِ بِالرَّعَايَا.
قِيلَ: وَكَانَ يَأْتِيهِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَاحِدٌ، فَلَمْ يَرَ الْهُدْهُدَ.
وَقِيلَ: كَانَتِ الطَّيْرُ تُظِلُّهُ مِنَ الشَّمْسِ، وَكَانَ الْهُدْهُدُ يَسْتُرُ مَكَانَهُ الْأَيْمَنَ، فَمَسَّتْهُ الشَّمْسُ، فَنَظَرَ إِلَى مَكَانِ الْهُدْهُدِ، فَلَمْ يَرَهُ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ: أَنَّ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ بِمَفَازَةٍ لَا مَاءَ فِيهَا، وَكَانَ الْهُدْهُدُ يَرَى ظَاهِرَ الْأَرْضِ وَبَاطِنَهَا، وَكَانَ يُخْبِرُ سُلَيْمَانَ بِذَلِكَ، فَكَانَتِ الْجِنُّ تُخْرِجُهُ فِي سَاعَةٍ تَسْلُخُ الْأَرْضَ كَمَا تُسْلَخُ الشَّاةُ، فَسَأَلَ عَنْهُ حِينَ حَلُّوا تِلْكَ الْمَفَازَةَ، لِاحْتِيَاجِهِمْ إِلَى الْمَاءِ.
وَفِي قَوْلِهِ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ دَلَالَةٌ عَلَى تَفَقُّدِ الْإِمَامِ أَحْوَالَ رَعِيَّتِهِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ أَنَّ سَخْلَةً عَلَى شاطىء الْفُرَاتِ أَخَذَهَا الذِّئْبُ لَسُئِلَ عَنْهَا عُمَرُ، وَفِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ، أَيْ فَقَدَ الْهُدْهُدَ حِينَ تَفَقَّدَ الطَّيْرَ.
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَقَوْلُهُ: مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ، مَقْصِدُ الْكَلَامِ الْهُدْهُدُ، غَابَ وَلَكِنَّهُ أَخَذَ اللَّازِمَ عَنْ مَغِيبِهِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَرَاهُ، فَاسْتَفْهَمَ عَلَى جِهَةِ التَّوْقِيفِ عَنِ اللَّازِمِ، وَهَذَا ضَرْبٌ مِنَ الْإِيجَازِ وَالِاسْتِفْهَامِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: مَا لِيَ، نَابَ مَنَابَ الْأَلِفِ التي تحتلجها أَمْ. انْتَهَى.
فَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ أَمْ مُتَّصِلَةٌ، وَأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: مَا لِيَ، نَابَ مَنَابَ أَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ، فَمَعْنَاهُ عِنْدَهُ: أَغَابَ عَنِّي الْآنَ فَلَمْ أَرَهُ حَالَةَ التَّفَقُّدِ؟ أَمْ كَانَ مِمَّنْ غَابَ قَبْلُ وَلَمْ أَشْعُرْ بِغَيْبَتِهِ؟ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَمْ هِيَ الْمُنْقَطِعَةُ، نَظَرَ إِلَى مَكَانِ الْهُدْهُدِ فَلَمْ يُبْصِرْهُ فَقَالَ: مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ؟ عَلَى مَعْنَى: أَنَّهُ لَا يَرَاهُ، وَهُوَ حَاضِرٌ، لِسَاتِرٍ سَتَرَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ لَاحَ لَهُ أَنَّهُ غَائِبٌ، فَأَضْرَبَ عَنْ ذَلِكَ وَأَخَذَ يَقُولُ: أَهْوَ غَائِبٌ؟ كَأَنَّهُ سَأَلَ صِحَّةَ مَا لَاحَ لَهُ، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُمْ:
إِنَّهَا لَإِبِلٌ أَمْ شَاءٌ؟ انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ أَنَّ أَمْ فِي هَذَا هِيَ الْمُنْقَطِعَةُ، لِأَنَّ شَرْطَ الْمُتَّصِلَةِ تَقَدُّمُ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ، فَلَوْ تَقَدَّمَهَا أَدَاةُ الِاسْتِفْهَامِ غَيْرَ الْهَمْزَةِ، كَانَتْ أَمْ مُنْقَطِعَةً، وَهُنَا تَقَدَّمَ مَا، فَفَاتَ شَرْطُ الْمُتَّصِلَةِ. وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمَقْلُوبِ وَتَقْدِيرُهُ: مَا لِلْهُدْهُدِ لَا أَرَاهُ؟ وَلَا ضَرُورَةَ إِلَى ادِّعَاءِ الْقَلْبِ.
وَفِي الْكَشَّافِ، أَنَّ سُلَيْمَانَ لَمَّا تَمَّ لَهُ بِنَاءُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، تَجَهَّزَ لِلْحَجِّ، فَوَافَى الْحَرَمَ وَأَقَامَ بِهِ مَا شَاءَ، ثُمَّ عَزَمَ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْيَمَنِ، فَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ صَبَاحًا يَؤُمُّ سُهَيْلًا، فَوَافَى صَنْعَاءَ وَقْتَ الزَّوَالِ، وَذَلِكَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ، فَرَأَى أَرْضًا حَسْنَاءَ أَعْجَبَتْهُ خُضْرَتُهَا، فنزل ليتغدى

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست